أناقة الشباب
ذكر تقرير حديث إن الشاب السعودي يصرف على أناقته أكثر مما تصرفه الشابة. جاء هذا التقرير بمثابة الصدمة لمحدثكم الذي لا يرى في الشباب الجديد أي قدر من الأناقة، يبدو أنني فقدت قدرتي على التواصل مع الموضة وتحديثاتها التي تجعل من القمصان غريبة الشكل والحلاقة التي تبدو وكأن من نفذها قام بكل شيء بشكل خاطئ، والبنطلونات المشققة والجزم - أكرمكم الله - المهترئة أكثر كلفة من الفساتين التي تكلف الآلاف والمجوهرات التي تبدعها باريس وميلان ونيويورك.
شباب اليوم يرتدون أشياء غريبة وعجيبة، ليس هذا مستغربا مع كم التآكل الذي أصاب العلاقات الاجتماعية، والهزيمة المعنوية التي يعانيها الكبار قبل الصغار ونحن نشاهد كل ما نستفيد منه يستورد من الدول التي يحتقر بعضنا جنسياتها، ثم ما نلبث أن نعتمد عليهم في كل شيء تقريبا، لكن أن تكلف هذه الملابس ثروات، فذاك لعمري جنون لا ريب فيه.
أناقة الشاب في زمني لم تتجاوز تكلفتها 200 أو 300 ريال تشمل كل شيء بما فيها "الكبكات" المستوردة، وهو ما كان آباؤنا يستهجنونه، لكن أن تجد ابنك يصرف الآلاف على ملابس تعطي الانطباع أنه أفقر الناس حتى أنك لا تريد أن يربط بك، أو يسير معك، أو حتى تراه يلبس هذه الملابس، فأنت حينها مطالب أن تعيد النظر في طريقة صرف ميزانية الأسرة.
هذه المشكلة تنتشر - غالبا - في المدن الكبيرة. شباب القرى لا يستطيعون أن يسيروا بهذه الملابس في قراهم، أو حتى خارجها. السبب المهم هنا هو أنهم يضطرون لحضور كل المناسبات الاجتماعية، ويقعون تحت رقابة الشيبان الذين يسألون ما إن يدخل شخص جديد عن اسمه وأسرته و"حمولته".
هل نحتاج أن نعيد الأبناء إلى القرية لنعيش في سلام مع الذات، أم أن علينا أن نغير أسلوب حياتنا الذي يعتمد على التباعد بيننا وبين أبنائنا وبناتنا، أم أن نسلم بالقضاء والقدر وننتظر الفرج الذي يأتي بعد أن يرزق الابن بمن يذكره بما فعل بأبويه، فيأتي معتذرا متمنيا لو أنه رأى نفسه بالمنظار نفسه، ورفع عن أهله حالة العتب والعجب التي يعيشونها وهم يشاهدون شطحاته التي لم تكن تنتهي.