توأم الشر
هل يوجد فعلا أشخاص متشابهون تماما أو متطابقون في الصفات الجسدية، حتى مع اختلاف أجناسهم وأعراقهم وثقافاتهم كما رأينا في المقال السابق.
هذه الفكرة راودت ثلاثة أصدقاء، قرروا البحث عن أشخاص صورة طبق الأصل منهم وأطلقوا مسابقة (التوائم الغرباء)، والفائز فيها مَن يحصل على شبيه له أولا.
بدأت "نيام جيني" أحد الأصدقاء الثلاثة بالبحث الجاد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد أسبوع من البحث وصلتها رسالة على فيسبوك من فتاة تدعى "كاترين" وكانت نسخة طبق الأصل منها!
تدعى هذه الظاهرة (الدوبلغنجر) وهي كلمة ألمانية تعني (الشبيه المزدوج)، أطلقها العالم الألماني (جان بول) عام 1851. وفي الأساطير القديمة يشار إلى هذه الظاهرة بـ (توأم الشر) ويعدون رؤية شخص أحدا يشبهه علامة على موته الوشيك، أما إذا لم يواجهه بنفسه ورآه أحد أصدقائه فهذا دليل على مرض يصيبه! وعلميا فإن احتمال وجود ظاهرة (توأم الشر) أقل بكثير مما نعتقد، رغم أننا كثيرا ما نصادف من يقول إنك تشبه فلانا، ونكرر دائما قول المثل (يخلق من الشبه أربعين)، فكيف نستطيع المواءمة بين هذه التناقضات؟!
وللإجابة عن هذا التساؤل قامت عالمة الأحياء "تيجان لوكس" وفريق عملها من جامعة أديلايد الأسترالية بفحص أربعة آلاف وجه من مختلف أنواع الوجوه، مستفيدة من قاعدة البيانات (أنشور) المتخصصة في مسح الوجوه، التي أنشأها الجيش الأمريكي للتحقق من القياسات الجسدية للجنود، وتمت مقارنة ثمانية ملامح من ملامح الوجه لم يفصح عن ماهيتها. ونتيجة للدراسة توصل الباحثون إلى أن نسبة التطابق بين شخص ما وآخر في الملامح الثمانية للوجه يبلغ واحدا من تريليون، وهذه نسبة ضئيلة تكاد تكون معدومة! أما حقيقة ما يعتقده الناس وما يرونه من تشابه بين البشر، فهذا عائد إلى أننا نرى الوجوه بشكل مختلف عن العلماء، فنحن نرى الوجه بالكامل وليس على شكل أجزاء مفصلة، ما يجعلنا نعتقد بتطابقهم!
وهذا بالضبط ما يحدث لنا باستمرار عند رؤيتنا التوائم الفعلية المتطابقة التي لا نستطيع أن نفرق بينها، رغم أنهما في الواقع متشابهان وليسا متطابقين لوجود فروقات عديدة فسبحان الخالق!
لذا تستخدم اليوم بصمة الوجه كوسيلة أخرى من وسائل التعرف على الوجوه، وقد تكون فعالة مثل بصمة الأصابع والحمض النووي (دي إن أيه) للكشف عن المجرمين والمطلوبين من خلال ملامحهم حتى لو حاولوا التخفي. يقول الله ــ عز وجل ــ في محكم كتابه "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق".