«يا راعي السيارة البيضا»
يستمر الحديث هذه الأيام عن السياحة والإمكانات المتاحة وكم الاستفادة الذي حققته مناطقنا السياحية من الأزمات التي عانتها مناطق سياحية خارج البلاد لتحقق نسب إشغال عالية. معلوم أن الإقبال كان عاليا جدا هذا الصيف، بل إنك لا تكاد تجد مكانا مناسبا إن لم تكن قد حجزت مسبقا في أغلب مصايف المملكة. حتى المدن الأقل جاذبية في الصيف نالت حظا وافرا من طفرة هذا العام.
المناطق الساحلية بالذات حصلت على نصيب كبير من السياح المواطنين هذا العام. شاهدت كذلك الكثير من الأشقاء الخليجيين في مناطق الاصطياف، واستمرت مكة المكرمة والمدينة المنورة في استقطاب أعداد كبيرة رغم حرارة الجو العالية.
يمكن لأي واحد منا أن يلاحظ كم النشاط من خلال ما نشاهده في مواقع التواصل خصوصا إنستجرام وسناب. مؤشرات كهذه يجب أن تجذب مسؤولي تخطيط السياحة وتدفع باتجاه تطوير طرق الجذب، وتحسين الخدمات والإبداع في تحفيز الزوار والسواح كل منطقة بحسب تكوينها ومؤهلاتها.
رغم كل ما سبق، أستغرب كم التناقض الذي يعيشه المجتمع وانتشار محاولات التقليل من الجهود المبذولة من قبل جهات كثيرة لدفع عملية السياحة والعناية بها. كلمات وتغريدات تسخر من السياحة الداخلية وأخرى تدعي أن الغلاء دفع بأهلها نحو السفر للخارج وغيرها من المحاولات التي تضر أكثر مما تنفع وتسيئ بطريقة غير محسوسة في مجتمع يحب تناول المواضيع بسخرية، حتى وإن كانت بعيدة عن الواقع. يثيرني - في الإطار نفسه – السلوك السلبي الذي يمارسه بعض العاملين في مناطق الاصطياف. يقوم البعض باستخدام قواعد يمكن التخفيف من حدتها أو إلغاؤها في التعامل مع المصطاف، سواء كان ذلك في الشوارع أو المنتزهات. أول ما شاهدت وأنا قادم إلى أبها شاب يجلس في سيارته وينادي على السيارات للخروج من المواقف بواسطة المكبر. نادى الشاب على كل السيارات تقريبا، بل إنه كان يستمتع حتى بتوقع الحركة القادمة لبعض السيارات فيمنعها من مجرد التفكير في الوقوف أمام البوابات. هذا السلوك الذي ينتقده كل من يسمعه ويشاهده، وسبق أن انتقد منذ سنين طويلة، لا يزال مستمرا ومسيئا إلى سمعة منطقة سياحية رائعة، قد لا يكون هو السبب الوحيد، لكن يضاف لمجموعة أخرى من أسباب تقليل جاذبية السياحة الوطنية ... وغيرها نتحدث عنه غدا.