خطيب الحرم المكي: إسراف الأفراد والمؤسسات آثاره خطيرة ويؤدي إلى إفلاس الدول
«الاقتصادية»
من مكة المكرمة
قال الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن قطعان من البشر لا يمتد بصرها ولا بصيرتها أبعد من التراب وما يشبه التراب، تلتهم كلَّ ما يتاح لها من خلال ما عرف بحمى الاستهلاك، بل هو سفه الاستهلاك، إسراف في الملابس والأزياء، وإسراف في المناسبات الاجتماعية في الأفراح وفي الأتراح، مغالاة في المهور والنفقات، وفي استخدام المرافق من الماء، والكهرباء في الإنارة، والتكييف، وكما ينكر سرف الأفراد، فينكر سرف الجماعات والهيئات والمؤسسات والشركات والدول، وهو يحمل آثارا وخيمة، وأبعادا خطيرة على اقتصاد الدول وثرواتها، ما قد يؤدي إلى خسائرها، وإعلان إفلاسها. وبين في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام أمس, أن السرف ظهر في العصور المتأخرة بشكل مزر فالواجد يسرف، والذي لا يجد يقترض من أجل أن يسرف، ويلبي كماليات هو في غنى عنها، وهذا من ماديات هذا العصر، وثقافته في غرائزه وشهواته وغفلته وللإسراف أثر في الصحة وانحرافِها. وأكد أن على الإعلام بأنواعه ودعاياته كفلاً كبيراً، ومسؤوليةً عظمى في التوجيه، والتوعية، والترغيب، والترهيب, والإعلانات التجارية والاستهلاكية غيرُ الراشدة تتولى في ذلك كبراً عظيماً فيجب ترشيدها وتهذيبها ومساعدة الناس على حفظ أبدانهم وأموالهم. وأشار إلى أن الله سبحانه وتعالى جعل المال سببا لحفظ البدن، وحفظ البدن حفظ للنفس، والنفس هي محل الدين، ومعرفة الله والإيمان به، وتصديق رسله، فالمال سبب عمارة الدنيا والآخرة والشريعة لم تحرم اكتساب المال وتنميته وحفظه، بل حثت على ذلك وحضت عليه، ولكنها حرمت الطرق الممنوعة في كسبه وإنفاقه، ومن أحب الله وأحسن مراقبته وقصد مرضاته فإنه يلتزم بشرعه.
وأفاد إمام وخطيب المسجد الحرام بأن الأمة تعظم وترقى في سماء العزة والمنعة بخصال من أكبرها وأظهرها حفظها لمالها، واقتصادها في إنفاقها، وترشيدها في استهلاكها. وأكد أن الإسراف يجرئ النفوس على ارتكاب الجور والمظالم، لأن همَّ المسرف إشباع شهوته، فلا يبالي أن يأخذ ما يأخذ من طرق مشروعة أو غير مشروعة، فيمد يده إلى ما في يد غيره بطرق ملتوية، ووسائل مريبة؛ فالغارق في ملذاته تضعف أمانته فاتباع الشهوات عنده طاغ، والميول للملذات لديه غالب فالإسراف يدفع بصاحبه إلى الإمساك عن بذل المعروف، وفعل الخير.
وذكر أن الميزان عند الله ليس الأغنى ولا الأقوى بل التقوى، فكم من مشهور في الأرض مجهول في السماء وكم من مجهول في الأرض معروف في السماء أخفى الله القبول لتبقى القلوب على وجل، وأبقى باب التوبة مفتوحا ليبقى العبد على أمل، وجعل العبرة بالخواتيم لئلا يغتر أحد بالعمل. وفي المدينة المنورة، تحدث الشيخ علي الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة أمس, عن الأمن وسبل تحقيقه. وذكر أن من أسباب الأمن حماية المجتمع من المفسدين والمخربين والمجرمين والمعتدين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهو ناشر لكل خير وفضيلة, والحماية بالتوجيه والإرشاد والتحذير عن الخروج عن جماعة المسلمين وبالرفع للسلطان عن أهل الزيغ والفساد والإجرام, عاداً قوة السلطان من أعظم أسباب الأمن بأخذه على يد المجرمين وردعهم عن الفساد في الأرض بما قررت الشريعة السمحاء.
وقال إن الأمن حصن الإسلام وأهل الإسلام هم سكانه, فالحصن يحرزهم من أعداء الإسلام وأهل الإسلام يحمون هذا الحصن من أن يهدمه المفسدون, والأمن هو سور الإسلام الذي يتحصن به المسلمون ويصد عنهم عدوان المفسدين, وأهل الإسلام يحافظون على هذا السور من أهل الهدم والتصدع والانهيار لما جعل الله في بقائه من حفظ الدين والأعراض والأموال.
وأوضح أن الأمن عدل الإسلام وقرينه, كما أن الأمن هو الطمأنينة على الدين والنفس والأعراض والأموال والممتلكات والحرمان والطمأنينة على ما كان منك بسبيل بعدم الخوف على ذلك كله والطمأنينة على الحقوق المعنوية والأدبية التي اعتبرها الإسلام بعدم تضييعها أو انتقاصها.