مجمع بترو رابغ وفرص استثمارية واعدة (1)

    مجمع بترو رابغ وفرص استثمارية واعدة (1)

[email protected]

تشهد مدينة رابغ تحولاً تاريخياً وذلك بتحويلها إلى مدينة صناعية من الطراز الأول على غرار مدينتى الجبيل وينبع. إن إقامة مشروع بترو رابغ وما ينتج عنه من مواد أساسية لصناعات بتروكيماوية تحويلية في هذه المدينة من شأنه أن يجذب المستثمرين السعوديين الباحثين عن الفرص الاستثمارية الواعدة. تم الاتفاق على إنشاء هذا المجمع بين "أرامكو السعودية" و"سوميتومو اليابانية" بنسبة 50:50 لكل طرف عام 2005، وعلى هذا الأساس تم ميلاد شركة جديدة تدعى "بترو رابغ" والتي سيطرح جزء منها كمساهمة عامة للشعب السعودى. تقدر التكلفة الإجمالية لهذا المشروع بنحو عشرة مليارات دولار وتم توقيع الاتفاق في عام 2006، وسلمت المهام الهندسية والإنشائية إلى شركة فوستر ويلار Foster Wheeler على أن يبدأ الإنتاج بحلول عام 2009، إن شاء الله.
التناغم بين مخرجات التكرير ومتطلبات الصناعات البتروكيماوية جعل المجمع عصريا وذا لمسات حديثة. سيشمل المشروع تحديث مصفاة رابغ وإضافة وحدة تحويل مخلفات التكرير الثقيلة إلى منتوجات أفضل وذات ربحية أعلى وذلك بإضافة وحدات التكسير الحفزي الأوليفينية إلى المصفاة، حيث من المؤمل أن ينتج من هذه الوحدة 60 ألف برميل يومياً من الجازولين "وقود السيارات" بمواصفات عالية وذلك لاحتوائه على رقم أوكتان عال لوجود كميات كبيرة من العطريات فيه. وتم اختيار تقنية تكسير صينية من سينوبيك DCC لتقوم بعمليات التكسير الحفزى, ومن خصائص هذه التقنية قدرتها على زيادة إنتاج المواد المطلوبة لصناعة البتروكيماوية مثل البروبيلين والإيثيلين. ويعد إضافة وحدة بخارية لتكسير الإيثان إلى المصفاة إضافة إلى عمليات التكسير الحفزى البتروكيماوي من أبرز دلائل التكامل بين صناعة التكرير والبتروكيماويات وتقوم وحدة تكسير الإيثان هذه بإنتاج الايثيلين في المقام الأول وكميات أقل من البروبيلين.
تبلغ طاقة مصفاة مشروع بترو رابغ 400 ألف برميل يومياً وستدخل إلى المجمع كميات كبيرة من سوائل الغازات الطبيعية لتدعم الصناعات البتروكيماوية. تم تخصيص 95 مليون قدم مكعب يومياً من غاز الإيثان ونحو 15 ألف برميل يومياً من البيوتان الذي يدخل في صناعة البولي إيثيلين، وأيضا يعد أحد مكونات الجازولين. أما غاز الإيثان فسيتم تكسيره وإنتاج أكثر من مليون وربع المليون طن من الإيثيلين سنوياً لينتج منها نحو 900 ألف طن من البولى إيثيلين وذلك باستخدام تقنيات باسل لإنتاج النوع العالي الكثافة واستخدام تقنيات سوميتومو لإنتاج البولى إيثيلين الأقل كثافة إضافة إلى 600 ألف طن من جلايكول الإيثيلين، وذلك باستخدام عملية أوميجا من شل وكذلك سينتج المجمع 700 ألف طن من البولى بروبيلين باستخدام تقنيات سوميتومو. ويبدو واضحاً أن "سوميتومو" قد قطعت أشواطا في اكتساب التقنيات الحديثة ومنافستها واستطاعت أن تسوق وأن تقنع الآخرين بتقنياتها وأن تنافس أمهات الشركات البتروكيماوية العالمية الأوربية (مثل باسل وباسف وشل) والأمريكية (مثل إكسون موبيل وداو كميكل ولايونديل) فى وقت ليس بالطويل ولكن بالطبع لم يكن ليتحقق لهم ذلك إلا بالجد والاجتهاد خاصة أنهم لا يملكون أي ثروات نفطية وكما قيل: ما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان لهم ركابا.
ما يهمنا الآن هو أن ننظر إلى مخرجات مشروع بترو رابغ والتي هي نتيجة لتكرير 145 مليون برميل سنوياً إضافة إلى استهلاك نحو 1.5 مليون طن سنوياً من سوائل الغازات الطبيعية. ويمكن تلخيص هذه المخرجات في منتوجات تكريرية "مشتقات نفطية" وبتروكيماوية, أما المشتقات النفطية فهي الجازولين وزيت الوقود. كل التوقعات والدراسات الاستراتيجية تشير إلى نمو كبير في استهلاك السعودية للجازولين مدفوع بنمو سكان السعودية هذا إضافة إلى المستقبل الغامض لمصفاة جدة والتي تنتج كميات ليس كبيرة من الجازولين. أما زيت الوقود (يستخدم كوقود للناقلات البحرية ووقود للمحطات الكهربائية ولمحطات التحلية)، فكلنا نعلم مدى الحاجة إلى إنشاء محطات توليد كهربائية تمد المنطقة الغربية بالطاقة هذا غير الطاقة المطلوبة لمحطات التحلية. باختصار الطلب الداخلي على المشتقات النفطية بزيادة مستمرة مما يقودنا إلى أن تستنتج أن معظم مخرجات بترو رابغ التكريرية قد تستهلك داخل السعودية.
المجمع بشكل عام فريد من نوعه في المنطقة ومن باب الإنصاف الإشادة بهذه الفكرة الرائدة وهى تحويل مصفاة رابغ من مصفاة غير متطورة Topping إلى مجمع تكرير وبتروكيماويات متكامل قادر على إنتاج المشتقات النفطية إضافة إلى المواد الأساسية للصناعات البتروكيماوية. ويعد إنتاج الأولفينات الثمينة من بروبيلين وإيثيلين من تكسير زيت الوقود البخس في عملية التكسير الحفزى في المجمع خطوة إيجابية في الطريق الصحيح لاستغلال الثروات النفطية الاستغلال الأمثل.

الأكثر قراءة