أزمة تحوير الوظائف
يعاني القطاع الحكومي الحاجة المستمرة إلى التحوير، وهذا التحوير الذي يطول غالبا الوظائف الإدارية والمالية يهدف إلى إيجاد توازن بين الموظفين والوظائف المتاحة، لكنه في الوقت نفسه يوجد فجوات خطيرة إذا لم يتم بطريقة علمية تحفظ حصانة الوظيفة، وتحفظ القاعدة الأساس في الموارد البشرية التي تقول “الموظف للوظيفة”.
تخطي هذه القاعدة وعكس المفهوم لدى الكثير من الإدارات الحكومية يؤديان إلى تكتل الموظفين في مواقع وظيفية معينة، ثم تضطر الإدارة إلى استحداث وظائف غير مبنية على جداول تنظيم قياسية، وإنما على طلبات الترقيات والتعيين والنقل والندب وغيرها من الأعمال التي يجب ألا تفقد الوظيفة حصانتها.
أكبر عوائق المحافظة على حصانة الوظيفة هو تداخل المصالح. وعندما يكون المسؤول عن إحداث الوظائف مستفيدا أو له زملاء مستفيدون من الوظيفة التي ستحدث أو ترفع أو تحور، فنحن ندخل الدائرة من أوسع أبوابها، ونضطر في النهاية إلى تعديلات مهمة تطول هيكل الوظائف الرسمي، ثم الهيكل التنظيمي للقطاع برمته.
تظهر علامات تداخل المصالح في مشاهدة بسيطة للوظائف القيادية في أي قطاع. وعندما ينخفض عدد الوظائف القيادية والتخصصية ووظائف العمليات لمصلحة الوظائف الأخرى، فنحن هنا في موقع خطير، ولا بد من التوقف لمراجعة الحال.
وتبذل وزارة الخدمة المدنية جهدا مهما في محاولة ضبط عمليات التحوير، ولكنها في النهاية لا تصل إلى الوصفة القياسية التي يجب أن تكون عليها وظائف أي جهة حكومية. أظن المرحلة الأساس في عملية ضبط حركة الوظائف وحماية تنظيم القطاع تكمن في اعتماد هيكل تنظيمي منطقي وعادل لا ينظر للأشخاص وإنما لمهمة الإدارة.
هذا يستدعي أن يتم العمل من قبل جهة خارجية بالتعاون مع مسؤولي التنظيم في القطاع بحيث نضمن “المنطقية” وتحقيق أهداف ورؤية ورسالة القطاع. دون النظر إلى من سيشغل الوظيفة أو المنصب.
يتبع هذه العملية بحث مفصل للعمليات والواجبات التي تقوم بها كل إدارات الهيكل الجديد، وبناء الوظائف عليها في نواحي الكم والمستوى والمسمى، وهذه أيضا من المفيد أن تسهم فيها جهة خارجية بعيدة عن تداخل المصالح. وعندما نثبت تنظيم الوظائف بشكل عام، يجب أن تبنى كل طلبات الوظائف على هذا التنظيم، ويمنع أن يكون هناك أي تجاوزات.
يتم هذا الأمر عندما تناقش الوظائف في الميزانية ... غدا قد أكمل الحديث.