عمل المواطن في «أوبر» و«كريم» .. توسيع لفرص الكسب
بعد إعلان وزارة النقل ـــ كما جاء في صحيفة "الاقتصادية" بعددها رقم 8325 بتاريخ 22 شوال 1437هـ ـــ سماحها للمواطنين الذين يعملون في نشاط نقل الركاب، بالعمل بمركباتهم الخاصة عبر تطبيقات الأجهزة "الهواتف الذكية"، المشغلة من قبل إحدى المنشآت المؤهلة من الوزارة لتقديم خدمة التوجيه، وذلك ضمن توجهات الوزارة نحو تنظيم وتطوير خدمات نشاط نقل الركاب، ومواكبة استخدامات التقنية الحديثة. وسيكون المجال متاحا أمام "الباحثين عن العمل، وطلاب الجامعات، وموظفي القطاع الخاص، وموظفي بند الأجور، والمستخدمين في القطاع الحكومي" بالعمل في هذه الخدمة خلال هذه المرحلة.
بطبيعة الحال شركتا أوبر وكريم هما الأكثر شهرة حاليا في السوق في المملكة، وقد يتم الترخيص لشركات أكثر مستقبلا، والإقبال الكبير على مثل هذا النشاط سواء من قبل المستفيدين أو من قبل المواطنين للعمل يشير إلى حجم القصور والفجوة الكبيرة في خدمات الأجرة في المملكة خصوصا عندما يضاف إلى ذلك أن شريحة كبيرة من الموظفات اللاتي ـــ بطبيعة الحال ـــ لا يقدن السيارة بحاجة كبيرة إلى هذه الخدمة بل إن المواطن الذي يجد صعوبة في الوصول وإيقاف مركبته في المناطق المزدحمة سيجد أن في الاستعانة بهاتين الشركتين خدمة كبيرة له علما بأن تكلفة التنقل بمثل هذا النوع من وسائل النقل تكون غالبا أقل من تكلفة سيارات الأجرة.
هذه الخدمة فيها مجموعة من الميزات سواء من الناحية الأمنية أو فيما يتعلق بضبط حقوق الطرفين في العلاقة بين المستفيد ومقدم الخدمة دون وجود استغلال خصوصا في فترات الحاجة التي تبالغ فيها سيارات الأجرة بالأسعار.
الموضوع الذي يهتم به المقال هو مسألة توسيع فرص الكسب للمواطن خصوصا مع "رؤية المملكة 2030"، التي تسعى إلى توسيع فرص التوظيف والكسب للمواطن، حيث إنه في المرحلة السابقة كان التركيز في التوظيف على القطاع العام ثم بعد برنامج السعودة أو التوطين للوظائف بدأ التحول بصورة أكبر لتوسيع فرص التوظيف بالقطاع الخاص، والآن تسعى الجهات الرسمية إلى توسيع فرص الكسب من خلال تشجيع مبادرات الشباب من خلال برامج ريادة الأعمال والأسر المنتجة، واليوم نجد أن لدى المواطن فرصة إضافية للحصول على عمل أو لزيادة فرص الكسب من خلال مثل هذه البرامج التي تعتبر توسعا في فرص العمل الخاص للمواطن من خلال الاستفادة من وسائل التقنية الحديثة، إذ إنها لا تشبه الوظيفة في القطاع الخاص باعتبار أن الملتحق بمثل هذا العمل يعمل لحسابه الخاص فليس موظفا وهو يحدد وقت العمل وحجمه ومستوى الدخل غالبا يتناسب مع حجم العمل والإنتاجية، وهذا يشجع على زيادة إنتاجية الملتحق بمثل هذا النوع من العمل، كما أنه يكفي للالتحاق به وجود رخصة نظامية فلا يحتاج إلى أن يتقدم إلى جهة عمل محددة ثم ينتظر موافقة تلك الجهة على العمل. كما أن فيها ميزة تناسب أصحاب المهن المشار إليها في القرار، التي تسمح لطلبة الجامعة وفئة من الموظفين بالعمل فيها.
هناك قضايا مهمة ينبغي رصدها من أجل أن تكون مثل هذه الفرصة لها فائدة أكبر للمجتمع، وهي أنه من المناسب النظر في إمكانية السماح لشريحة إضافية من الموظفين الحكوميين باعتبار أن التوجه العام إلى الحرص على زيادة فرص الكسب وزيادة متوسط الدخل لعموم المواطنين، وكثير من الموظفين الحكوميين الرسميين يجدون أن رواتبهم غير كافية للإيفاء باحتياجهم خصوصا مع التضخم والتوجه لخفض حصة رواتب الموظفين من الناتج المحلي، ما يعني تشجيع الموظف الحكومي على الالتحاق بالقطاع الخاص ومثل هذه الفرصة قد تكون توطئة للبدء بنشاطه الشخصي. من الأمور المهمة أيضا تحديد وقت العمل إذ إن قيادة المركبة لوقت طويل عمل شاق قد تترتب عليه أخطاء مرورية تؤثر في حياة الملتحقين بمثل هذا العمل وغيرهم من السائقين في الطرق العامة، ومع وجود وسائل التقنية أصبح من السهل جدا فرض وقت محدد، ومتابعة الالتزام به. فيما يتعلق بالموظفين ينبغي مراعاة عدم السماح لهم بالعمل في أوقات العمل الرسمية كي لا يتخلوا عن مهامهم الوظيفية، كما أنه ينبغي تحديد مدة أقل للعمل مقارنة بالمتفرغ لمثل هذا العمل كي لا يؤدي السماح بالعمل لمدد طويلة بوجود حوادث مرورية بسبب الإرهاق.
فالخلاصة أن قرار السماح للمواطنين بالعمل في نشاط نقل الركاب من خلال شركات عبر التطبيقات بالأجهزة الذكية قرار إيجابي يزيد من تنوع فرص الكسب للمواطنين مع أهمية تحديد حد أعلى لأوقات العمل كي لا يتسبب العمل الطويل في إرهاق يؤدي إلى حوادث مرورية، ودراسة توسيع فرص العمل لتشمل موظفي القطاع العام ذوي الدخل المتوسط.