رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قضايا المنطقة بين العاطفة والعقلانية

تمر المنطقة العربية بأزمة سياسية وتدهور اقتصادي متواصل، لا يوجد أمل كبير في إصلاح الحال في المستقبل القريب، بل الأمل يقتصر -في المستقبل المنظور- على وقف التدهور والحد من انزلاق المنطقة نحو مزيد من الفوضى والتجزئة، خاصة مع تزايد الاضطرابات وتأجج الصراعات الطائفية، وتزايد الأطماع التوسعية للدول المجاورة، وتغير التحالفات التقليدية في المنطقة. وبناء عليه، لا تحتمل منطقة الشرق الأوسط مزيدا من الفوضى، خاصة فيما يتعلق بتركيا التي تعد دولة محورية تحفظ التوازنات الإقليمية في المنطقة، لذلك أستغرب من فرحة بعض العرب، ومنهم الكتاب، تمجيدهم لمحاولة الانقلاب في تركيا، دون تفكير في العواقب الجسيمة على المنطقة العربية!
وفي ضوء انقسام الشارع العربي حول محاولة الانقلاب في تركيا الذي تعكسه مواقع التواصل الاجتماعي، تبرز تساؤلات كثيرة، منها: هل المشاعر البسيطة الساذجة والأهواء غير المدروسة هي التي تبلور تفكير هؤلاء دون وعي بالعواقب الوخيمة التي قد تنجم في المستقبل، وهل عودة سيطرة الجيش في تركيا تعد إيجابية في نظرهم؟ ومتى ستكون العقلانية بدلا من المشاعر العاطفية التي تشكل وجهات النظر تجاه القضايا السياسية التي تمر بها منطقتنا العربية؟!
لا يقتصر الأمر على الشأن التركي، بل أعتقد أن سبب تدهور المنطقة العربية هو الاعتماد على العاطفة وتغليب المصالح الشخصية والحزبية على مصالح الشعوب أثناء صنع العلاقات الدولية سواء فيما بين الدول العربية أو مع الدول غير العربية، مع أن المصالح الاستراتيجية السياسية والاقتصادية هي التي ينبغي أن تحكم العلاقات الدولية وفق ما تمليه قيمنا الإسلامية والعربية.
ونظرا للواقع الجديد في المنطقة العربية الذي زاده تعقيدا تغير التحالفات الدولية والتفات أمريكا لإيران، ظنا أن الإسلام "السني" يشكل خطورة على مصالحها، فإن الأمر يتطلب البحث عن تحالفات جديدة تحفظ الاستقرار الجزئي وتحافظ على ما تبقى. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تهميش الخلافات العربية وبناء تحالفات عربية جديدة قادرة على حفظ كيانات الدول الحالية من التفكك في ساحة من الفوضى العارمة!
فهل استوعب العرب ضرورة تعزيز الشعور بالمصير المشترك؟ وهل يدركون خطورة الانزلاق إلى مزيد من الفوضى والتدهور وتجزئة الدول؟ وأن بقاء الدول موحدة لها سيادتها المستقلة يستوجب التفاف العرب لأنفسهم وتغليب مصالح الشعوب بدلا من الانتماءات الطائفية ورفع شعارات وأيديولوجيات تفرّق ولا توحّد، واستيعاب الدروس والعبر مما يجري في المنطقة في الوقت الحاضر من أجل إنقاذها، فلن تسعى إيران لمصلحة الشعوب العربية عموما والعراق أو لبنان أو سورية أو اليمن خصوصا، ولن تعمل أمريكا لدعم استقرار بعض الدول ما لم يحقق لها ذلك مصالح مباشرة أو غير مباشرة!
فتدخل إيران في العراق عطل العودة للاستقرار والديمقراطية في دولة موحدة، كما أن زرع حكومة "حزب الله" داخل الحكومة اللبنانية عطل تقدم لبنان نحو الديمقراطية والاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي، كما اليمن لا يعاني نقصا في المذاهب الدينية حتى تأتي إيران بمذهب "حوثي" جديد، ليقوض الوحدة الوطنية اليمنية التي كانت تقوم على التسامح والتعايش على مدى العصور والأزمان؟!
وأخيرا هل العرب قادرون على دعم قيادة عربية مثل المملكة العربية السعودية، والوقوف خلفها لإنقاذ المنطقة؟ أم أنهم اتفقوا على ألا يتفقوا على قيادات تقود المنطقة إلى بر السلام؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي