مزارعو القمح .. بين ارتفاع الأسعار وضغوط بداية الموسم

مزارعو القمح .. بين ارتفاع الأسعار وضغوط بداية الموسم

تفاعل قراء "الاقتصادية" مع موضوع القمح الذي نشر في الصفحة الزراعية الأسبوع الماضي، وشدد على أن هناك حاجة ملحة إلى إعادة النظر في سعر شراء الدولة لهذه السلعة من المزارعين. وقال القراء وجلهم من المزارعين "إن هذا الأمر تفرضه الظروف الحالية لأسعار السلع لأن عزوف المزارعين عن الزراعة سيؤدي دون شك إلى انخفاض المعروض من المؤسسة العامة للصوامع وبالتالي يفرض إعادة الاستيراد وهو مايعني أن السعر سيتغير حتما.
وتصاعدت أسعار القمح عالميا هذا الأسبوع في البورصات العالمية ووصلت عقود أيلول (سبتمبر) إلى 291 دولارا للطن الواحد وهو أعلى سعر تاريخي في السوق، في الوقت الذي تلوح فيه بوادر عزوف من قبل كثير من المزارعين بالنظر إلى انخفاض هامش الربحية إلى مستويات تاريخية بسبب ارتفاع أسعار المدخلات وانخفاض سعر الشراء من قبل الدولة حيث تشتري الطن بنحو 900 ريال بعد حسم الزكاة والشوائب. ويتكبد المزارعون تكاليف كبيرة لإنتاج الطن تختلف من منطقة إلى أخرى، حيث تعتبر أعلى في المناطق الوسطى عنها في المنطقة الشمالية.
وقال سعود عواد الشمري في اتصال هاتفي: قرأت موضوع ارتفاع أسعار القمح وشدني لأنه يعالج قضية مهمة لا أعتقد أن الدولة ستتجاهلها.
وبين الشمري: خروج المزارعين حتمي في حال استمر الوضع على هذا النحو.
ويتفق مع هذا الحديث مزارع من القصيم اسمه عبد الله الصالح الذي ذكر أن انخفاض سعر شراء القمح شكل ضربة قاضية للمزارعين، ظهرت أضرارها عندما ارتفعت أسعار المدخلات. وقال: في الماضي ربما كان مناسبا تخفيض السعر خاصة أن الصرف أصبح فوريا، لكن ارتفاع أسعار المدخلات إلى أرقام فلكية لابد أن يعيد النظر في هذه القضية.
ويعتقد مراقبون للقطاع الزراعي أن الأمر يتجاوز التأثير المباشر على المزارعين إلى قطاعات أخرى تتعلق بشركات بيع المعدات والآلات الزراعية، ومحال بيع البذور والأسمدة، وقطاعات أخرى تتعلق بالنقل والوقود وغيرها. وسجلت هذه القطاعات في الفترة الأخيرة عدة بوادر تكشف أن نسبة كبيرة ربما تتجاوز 50 في المائة ربما تخرج من الموسم بسبب هذه الظروف.
وكانت "الاقتصادية" قد نشرت "الأسبوع الماضي تقريرا عن القمح جاء فيه أن سعر القمح في الأسواق العالمية سجل رقما تاريخيا وصل إلى 7.1 دولار للكيس سعة 27 كيلو جراما (985 ريالا للطن)، وذلك في بورصة شيكاغو.
وفي التقرير تخوفت مصادر زراعية سعودية من تسجيل عجز في المخزون الاستراتيجي محليا لهذه السلعة العام المقبل، على أثر بوادر خروج أعداد كبيرة من المزارعين المحليين من النشاط بفعل ارتفاع أسعار المدخلات والنقل بنسب تصل إلى 300 في المائة وانخفاض سعر شرائه من الدولة إلى ريال واحد للكيلو جرام.
وكسر هذا المنتج العالمي رقما تاريخيا سابقا سجله في عام 1996، عندما سجل 7.17 دولار للعبوة ذاتها بفعل ارتفاع حاد في الطلب وسط أنباء متشائمة على صعيد الإنتاج.
ويرى المختصون أن الظروف الأخيرة والتي من بينها ارتفاع أسعار القمح عالميا، وارتفاع تكاليف زراعته محليا يدعمان توجهات الدولة في استمرار دعم زراعة القمح على اعتبار أنه جزء من الأمن الغذائي خاصة في ظل الظروف العالمية المضطربة.
ويرى كثيرون أهمية رفع معدل الدعم بإعادة سعر الشراء إلى 1.5 للكيلو جرام بدلا من ريال واحد حاليا على أقل تقدير لمواجهة ارتفاع أسعار المدخلات التي سجلت بعضها ارتفاعا بأكثر من 100 في المائة، في حين سجلت أسعار النقل ارتفاعا بلغ أكثر من 300 في المائة.
ويقول خبراء في مجال الزراعة في السعودية إن العامين المقبلين سيكونان حاسمين لهذا النشاط، إذ إن استمرار الوضع على حاله سيكون كارثة حقيقية، حيث سيؤثر ذلك في النشاط الاقتصادي في عدة مناطق مثل وادي الدواسر، حائل، الجوف، وتبوك.
ويعتقد مزارعون أن رفع سعر شراء القمح من قبل الدولة سيكون ضمانة لتوفير مخزون استراتيجي للاستهلاك المحلي خلال العام المقبل، فضلا عن دوره في إنعاش الدورة الاقتصادية إذ إن الخطوة ستدفع المزارعين إلى الزراعة بدلا من الخروج من النشاط، وهي التوقعات التي بدأت تنتشر في بعض المناطق نظرا لتدني العائد المالي والجدوى الاقتصادية.

الأكثر قراءة