فواحش الشيطان المخمور
انتهاك حرمة المدينة المنورة، التي كل شيء فيها ملفوف بالطهر والشرف الرفيع، فهي مدينة رسول الله صل الله عليه وآله وسلم التي طيبها الله وشرفها بأن جعلها له فراشا ومرقدا، ومنها دون غيرها سيكون نشره، وبعثه متقدما الأنبياء، وسائر الأمم. في القرن الأول الهجري، كان الصحابة رضي الله عنهم يعدونها أفضل في المنزلة والمكانة من مكة، وكان تشريف الله لها بجعلها المثوى الأخير لخير خلقه، دليلا على كونها أفضل من مكة.. وكان بعضهم يرى أن مكة هي أشرف وأعلى منزلة ببيت الله العتيق، ثم طيبة العذبة الري، الطاهرة الحس والتبتل والحضور.
وفي شهر الله، الذي أنزل الله فيه القرآن، وجعل فيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وفي غسق التمام، وتباشير فرح تمامه .. وفي لحظة اجتماع حراس الحرم الشريف ومسجد نبيه، وداره التي فيها مستقره ومثواه وهم على شربة تبلل ظمأ عروقهم الصبورة بمكابدة صبارة الصيف، وتلافيح الشمس، وفي أيديهم رطب شحيح العدد، إنهم في عجلة التدارك للوقوف بين يدي الله بإقبال القلب، وإنابة النفس لصلاة المغرب...!
في غمرة هذه الحرمات كلها، ومن بين هذا الامتلاء العظيم بالله وبفروضه والتعبد له، ينساب كلب من كلاب النار، ليعجل لنفسه النار الموعود بها على لسان رسول الله وبالخلود فيها، وليعاجل حراس حرام رسول الله وقبره بالروح والريحان وجنات النعيم .. فهي من أطهر الخواتيم وأشرفها و أقربها إلى يقين الفوز بالغذق الري، وبارد الشراب.
إلا أن انسلال كلاب النار الضالة، بحسب التعبير النبوي, - منظمة فواحش الشام والعراق - إلى هذا الحرم الشريف في هذا الوقت، يعني أنها تحولت من شيطان فاحش إلى شيطان مخمور، ومع السعي لتفجير بيت من بيوت الله في محافظة القطيف الذي سلم الله منه، ولطف بالمصلين فيه، تظهر - الصهيونية - المستترة في حقيقتها وتكوينها وإدارة أهدافها واختيارها.
هذا الشيطان المخمور - فاحش - ، كان البعض منا يسميهم (إخواننا). ويزكيهم بعنوان الضلالة العارضة ويسعى لإنقاذهم من عنوان - الخوارج - وأحكامهم المستقرة في التعامل معهم. ووجوب قتلهم وأن قتلاهم في النار، والمقتول على أيديهم موعود مبشر بالجنة..!.
هنا سقط الزيف، وزال التردد من المترددين، وارتفعت أسباب استعمال الأوصاف المتعددة، والأحكام المواربة. هنا ظهرت «فواحش» كما هي حقيقتها، كشيطان مخمور، لم يعد يحسب خسائره، ولا يعي أفعاله، ولا يتخفى بدين، أو يتلبس بشريعة, ها هو يظهر مكشوفا تماما، وظاهرا لكل عين، يتحدى الله بانتهاك حرم نبيه، ويتحدى المسلمين، بانتهاك كل حرماتهم ومقدساتهم.. !. أود أن أخبركم: أن لشهداء - حرم رسول الله - ميقات السقوط لمافيا «فواحش»، فهو ميقات زوالهم وهلاكهم. وأنه سيخرج إليهم منا، من أحب الله أن يطهرنا منه، ثم يخرجون جميعا إلى مستقرهم ومستودعهم في نار جهنم وبئس الورد المورود.
كل فطيسة منهم، هي خلاص من دنس، وهي طهر من نجس، وهي كشف عن خبث.. وكل نفس بريئة تقتل منا على أيديهم.. هي مكرمة بالشهادة، مرحومة بزوال الحساب عنها، تتهادى روحها راضية مرضية، ضاحكة مستبشرة، بين عباد الله المخلصين، وهي في سندس أخضر .. فرحة بفضل الله عليها، وجميل نعيمه، وعظيم عطاياه.
رحم الله شهداء المدينة .. الذين ختم الله لهم بحسن الخاتمة على أيدي شرار خلقه.. وجمعنا الله وإياهم في أعلى منازل النعيم.