المراكز الثقافية.. فكرة مؤجلة

نشرت معظم الصحف خلال الأسبوع الماضي خبرا مهما يتضمن تحديد الأول من كانون الثاني (يناير) 2017 لتشغيل قرية "المفتاحة الثقافية" في أبها بعد إنجاز خطة تطويرية استحدث فيها 12 مرسما للفن التشكيلي، ومتاحف، ومعارض تراثية، ومركز فوتوغرافيا، وصالات عرض، ومقاه، وقاعة مؤتمرات، ومطاعم. إضافة إلى المسرح الرئيس للقرية.
وقد أثار الخبر انتباهي لأنه يصب في مصلحة مطالب سابقة بتأسيس مراكز ثقافية شاملة في مناطق المملكة تسهم في خدمة الثقافة بمفهومها الشامل، من مسرح، وسينما، وتصوير فوتوغرافي، ومراسم تشكيلية، ومعارض تراثية، ومتاحف، ومكتبات وتكون مكانا لكل المبدعين. وقد سبق لي الكتابة هنا بتاريخ 22/12/2014 عن الحاجة الملحة لانطلاقة هذه المراكز بدلا من "الأندية الأدبية" "وجمعيات الثقافة والفنون "التي في رأيي انتهى زمنها ولم تعد قادرة على جذب الناس ومواكبة المتغيرات الاجتماعية.
وذكرت أن مثل هذه المراكز متى عملت بشكل تنافسي فإنها ستحدث تأثيرا ثقافيا هائلا لجيل من الشباب والشابات متعطشين للإبداع ولكنهم لا يجدون الأماكن المناسبة التي تنمي إبداعهم وتطور قدراتهم ولنا في"مواقع التواصل الاجتماعي" خير شاهد على وجود آلاف المواهب التي لم نكن نعرف عنها شيئا في السابق.
إن مثل هذه المراكز لا تحتاج إلى إمكانات ولا إلى موازنات ضخمة لتشغيلها فهناك مقار جهزت حديثة يمكن الاستفادة منها ففي أبها يكفي وجود قرية المفتاحة، وفي الرياض مركز الملك فهد الثقافي، وفي الدمام، ومكة، وجدة، هناك مقار حديثة بنيت لحساب الأندية الأدبية يمكن تحويلها إلى مراكز شاملة. ولا تحتاج سوى إعادة هيكلتها إداريا من خلال اختيار مجلس إدارة لكل مركز من خيرة المثقفين بمختلف التخصصات، وأمين عام يدير شؤونه المالية والإدارية ويتابع عمل الأقسام التي يحتويها المركز في التصوير الفوتوغرافي، والمسرح، والموسيقى، والنشاط المنبري والمحاضرات، والفن التشكيلي، وكل ما يكمل ذلك من قاعات، ومكتبة، وأقسام للتدريب، وأخرى لدعم النشر والتأليف، وغيرها، على أن تتنافس أقسام كل مركز لتقديم أفضل ما لديها، ثم تتنافس المراكز الثقافية على مستوى المملكة فيما بينها وفق خطة معلنة بإشراف وزير الثقافة والإعلام يكافئ فيها النشط، ويحاسب المقصر، تجعل من هذه المراكز شعلة لا تهدأ من النشاط والإبداع طوال العام.
إن لم تنجز هذه المبادرات وفق عمل مؤسسي ولوائح مشجعة فستظل المناشط الشعبية، والمبادرات الفردية المبعثرة، متصدرة المشهد وهو أمر يزعجنا جميعا ولا يعبر عن هويتنا الحقيقية ولا يمثل العمق والتنوع الثقافي لأرض الجزيرة العربية مهد الإبداع الإنساني والحضارات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي