اجتماع أوبك لا يتوقع له أن يكون حاسما
يواجه وزراء النفط في الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" الذين سيلتئم شملهم في فيينا الأسبوع المقبل في لقائهم الدوري خيارات صعبة فيما يتعلق بموضوعين رئيسيين: أولهما إلى أي مدى يمكن الاستجابة إلى ضغوط المستهلكين بقيادة الوكالة الدولية للطاقة الداعية إلى فتح صنابير الإمدادات وضخ المزيد من النفط في الأسواق وذلك تحسبا لفصل الشتاء، والثاني كيف يمكن إدخال العضو الجديد: أنجولا في دائرة التقيد بحصة إنتاجية محددة أسوة ببقية الأعضاء كي لا تصبح حالة ثانية تضاف إلى الحالة العراقية، لكن لا يتوقع للاجتماع أن يكون حاسما تجاه اتخاذ قرارات محددة.
وفيما يتعلق بالإنتاج القائم على التوقعات الخاصة بالطلب، فإن المنظمة تتبنى موقفا يقوم على أن السوق لا تعاني في واقع الأمر من حدوث نقص في إمدادات النفط الخام، بل كما قال عبد الله سالم البدري الأمين العام للمنظمة، إن المصافي خاصة في السوق الأمريكية ليست لديها الطاقة الإنتاجية الفائضة التي تمكنها من الاستفادة من توافر الخام لتكريره، الأمر الذي يعني أن أي ضخ إضافي للإمدادات سيجد طريقه إلى المخزونات التي تتمتع بمعدل مريح في الوقت الحالي.
وتشير الأرقام الخاصة بإنتاج تموز (يوليو) إلى أن المنظمة ضخت 270 ألف برميل يوميا بصورة إضافية إلى 30.54 مليون، وهذا الرقم يزيد بقرابة المليون برميل عن السقف الإنتاجي المعتمد من قبل المنظمة للدول الأعضاء العشرة وهو 25.8 مليون وذلك بعد قراري الدوحة وأبوجا العام الماضي بخفض الإنتاج.
على أن المركز الدولي لدراسات الطاقة في لندن يتبنى موقفا أقرب إلى التشاؤم فيما يتعلق بوضع الطلب وما ينبغي على أوبك القيام به فورا، وألا تقوم بالتركيز على المكاسب الآنية المتمثلة في قطف أسعار النفط العالية في الوقت الحالي، الأمر الذي سيؤدي إلى متاعب والآم مستقبلية. ففي تقريره الدوري الصادر في العشرين من الشهر الماضي يقول المركز إن هناك مؤشرات متتالية على وجود ضعف في الاقتصاد العالمي، الأمر الذي سيؤثر في معدل الطلب. ويضاف إلى هذا وضع الأسعار العالية التي بدأت تؤثر سواء عبر تصاعد في معدلات التضخم رغم تكاثر الحديث عن أن الاقتصاد العالمي أصبح أقدر على التعامل مع سعر برميل النفط العالي الآن مقارنة بما كان عليه الوضع في عقدي السبعينيات والثمانينيات.
المركز يتبنى موقفا أكثر تشاؤمية من بقية مراكز الأبحاث ويرى أن معدل الطلب قد يكون أقل من 1 في المائة لهذا العام و 0.4 في المائة بالنسبة للعام المقبل. ويعني هذا بالأرقام المطلقة أن حجم الزيادة سيكون 760 ألف برميل يوميا لهذا العام و320 ألفا العام المقبل. ورغم ذلك يوصي التقرير بضرورة العمل على الاستعداد لفصل الشتاء، الأمر الذي يتطلب تحركا آنيا فيما يتعلق بضخ المزيد من الإمدادات فيما إذا أريد للأسعار أن تنخفض، وذلك بدلا من الحجج التي يطرحها المسؤولون في المنظمة حول متاعب المصافي الأمريكية والوضع الأمني والجيوبوليتيكي الذي يؤثر في الأسعار.
المقارنة بين توقعات أوبك نفسها والوكالة الدولية للطاقة تشير إلى فجوة تزيد على المليون برميل في الربع الثالث من هذا العام ونحو 1.7 مليون في الربع الأخير منه.
لكن المؤشرات المتاحة حاليا تشير إلى أنه يبدو من المستبعد أن يشهد اجتماع "أوبك" قرارا فيما يخص الإنتاج، خاصة وهناك اجتماعان لوزراء المنظمة الأول يتوقع أن تستضيفه العاصمة السعودية الرياض في السابع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل والثاني في أبوظبي في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) المقبل كذلك. وكما أشار البدري فإن الصورة ستكون أوضح وقتها فيما يتعلق بحالة الاقتصاد الأمريكي وتأثير التباطؤ سواء في أكبر اقتصاد في العالم أو في بقية الاقتصادات العالمية خاصة الصين والهند وغيرهما في الدول النامية التي تمثل الجزء الأكبر من حالة النمو على الطلب.
الموضوع الثاني الذي يتوقع له أن يحظى بشيء من الاهتمام يتعلق بوضع أنجولا التي انضمت إلى المنظمة مطلع هذا العام، لكنها لم تنضو في إطار اتفاق السقف الإنتاجي الذي يخصص لكل دولة حصة إنتاجية محددة. وفي الشهر الماضي قام البدري بزيارة إلى أنجولا استغرقت أربعة أيام, ناقش خلالها علاقة أنجولا بالمنظمة مع وزير النفط الأنجولي ديسيديريو كوستا. فأنجولا تعد ثالث منتج في القارة الإفريقية بعد الجزائر ونيجيريا، ويبلغ إنتاجها الحالي نحو 1.8 مليون برميل يوميا، كما ينشط العديد من الشركات العالمية بقيادة إكسون/موبيل، التي يتوقع لها أن تضيف 310 آلاف برميل يوميا بصورة إضافية العام المقبل، وأنه إذا ترك للإنتاج أن يتصاعد وفق الاتفاقيات الموقعة مع الشركات الأجنبية، فإن إنتاج أنجولا يتوقع له أن يبلغ ثلاثة ملايين برميل يوميا في غضون ثلاث سنوات.
وضع أنجولا هذا وعدم تقيدها بحصة إنتاجية يمكن أن يثير أعضاء آخرين. فنيجيريا مثلا أثارت القضية من منطلق أنها تحتاج إلى معالجة مختلفة لإنتاجها النفطي من مناطق المياه العميقة، التي تكلف أكثر، كما أن الأمر أثير أيضا بصورة أو أخرى من قبل كل من ليبيا وإيران، وهو ما يضيف صداعا جديدا للمنظمة.