ضرورة الإسراع في تطوير محطات الوقود

منذ سنوات طويلة الشكوى من محطات الوقود على الطرق الإقليمية لم تتوقف. لقد قامت الحكومة خلال عقود من الزمن ببناء واحدة من أكبر وأفضل شبكات الطرق السريعة التي تربط بين مدن المملكة في العالم العربي والشرق الأوسط، ومع ذلك فإن مستوى الخدمات لم يتناسب مع جهود الدولة، رعاها الله. لعل وضع محطات الوقود على الطرق السريعة يعطي لمحة واضحة للعلاقة الشائكة بين القطاع الخاص في المملكة والحكومة، وأن القطاع الخاص في كل العقود الماضية لم يكن يسير مع الركب، واليوم لم يعد بالإمكان البقاء في المواقع نفسها، فعلى القطاع الخاص أن يباشر مهامه كما يجب، أو عليه أن يخلي المكان لمن يستطيع ذلك.
لقد كانت الحكومة السعودية منذ إنشائها حريصة على أبنائها من جميع القطاعات وفي كل المناطق، تمنح الفرص وتعطي القروض وتشجع على الاستثمار، وكل ذلك من أجل أن ينهض القطاع الخاص بمهامه الواجبة وأن يسهم بجدارة في النمو الاقتصادي والتوظيف، لكن لم يكن القطاع الخاص في المكان والوقت المناسبين دائما. دارت رحى القطاع الخاص في الحصول على أرباح متعاظمة دون أن يقدم في مقابل هذه الأرباح خدمات تتناسب معها، وكما أشرنا سابقا فإن قطاع خدمات محطات الوقود على الطرق السريعة يمثل إحدى هذه التجارب التي فشل فيها القطاع الخاص في الإمساك بزمام المبادرة وأن يتجاوب هذا القطاع مع جهود الدولة في بناء منظومة الطرق السريعة التي سيكون لها دور كبير في جهود التنمية المتوازنة ونقل السلع والخدمات بين المدن في هذه الدولة المترامية الأطراف، لكن مع التحولات الواسعة التي نشهدها اليوم فإن بقاء حال هذا القطاع كما هو عليه لم يعد يليق بسمعة المملكة ولا بدولة تضع رؤيتها أن تكون نقطة اتصال بين طرق العالم البرية، لهذا نشد على يد وزارة الشؤون البلدية والقروية في قراراها الذي وجهت به جميع الأمانات والبلديات في مناطق المملكة بالتأكيد على ملاك محطات الوقود القائمة حاليا تصحيح أوضاعهم، وسيكون هذا التصحيح بأن يتم التعاقد مع إحدى الشركات العشر المؤهلة لتقديم الخدمات على الطرق السريعة، وفق الفئات المحددة.
القضية التي يجب الاهتمام بها الآن أن تتزامن خطط تطوير محطات الوقود مع مسار "رؤية المملكة 2030" بأن تصبح المملكة محطة الربط الرئيسة بين قارات العالم، وأن تقابل التطويرات المنشودة هذا المستوى المأمول. إضافة إلى ذلك أن تسهم هذه المحطات في توطين الوظائف لسكان المناطق القريبة من هذه المحطات، كما يجب أن تتاح الفرص للأسر المنتجة لبيع منتجاتها من خلال هذه المحطات، وأن تتاح الفرص لرواد الأعمال للحصول على فرصة عرض منتجاتهم وخدماتهم من خلال هذه المحطات، كما يجب أن تتسارع جهود العمل، فلا نسمح بأن يتم تعطيل هذه المشاريع المهمة من خلال الاعتراضات أو من خلال تبادل الشكوى والقضايا بين الشركات المؤهلة وأصحاب محطات الوقود حاليا، حيث إن البعض قد يستخدم هذه القضايا من أجل تأجيل تطبيق النظام، فعلى الوزارة أن تكون جادة في إغلاق المحطات التي لم تصحح الأوضاع، على أنه يجب أن تراعى مصالح المسافرين على الطريق بحيث يتم توجيههم بلوحات واضحة عن أقرب المحطات إليهم والمسافات قبل أقرب محطة، لأن التغيرات المفاجئة على الطريق قد تتسبب في تعطل الكثير من المواطنين وتعرضهم لمخاطر جسيمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي