رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


حفلة للأغنام

أتوقع أن أغلب القراء شاهدوا مقطع الأب الذي جهز "كيكة معتبرة" بمناسبة نجاح ابنه "المضمون"، لكنه فوجئ أن "المضروب على قلبه" لم ينجح، فما كان منه إلا أن أطعم الكيكة للأغنام. يصور المقطع حرقة الأب، وتوقعاته التي جعلت النجاح أمرا شبه مضمون في مجتمعنا الذي يعج بالمدارس التي تمنح الشهادات بكل الأعذار وكل الوسائل المتاحة.
مدارس تقيم الحفلات والصخب بمناسبة تخرج من يتوقع تخرجهم لأنهم مضمونو التخرج. فلماذا الاحتفال ما دام النجاح مضمونا، ولماذا الدراسة من أساسها إذا كان الطالب سيتخرج سواء تعلم أم لم يتعلم، ولماذا الخسائر في المدارس الخاصة التي هي أقرب هذه المنشآت لمنح شهادات لا مصداقية لها. البحث عن المدرسة الخاصة التي تمكن الطالب من النجاح موضوع آخر. الأسر التي تبذل الجهد في بحث كهذا لا تهمها فكرة التعليم كأساس من أسس الحضارة والتقدم والبقاء. هل يمكن أن نربط ذلك بالسلوك غير الحضاري المنتشر في كثير من مكونات حياتنا اليومية الذي نشكو منه جميعا، ثم نمارسه عندما تتاح لنا الفرصة؟
سؤال مهم لأنه يصف الحال ويواجه الواقع المؤلم الذي يجعل الواحد منا يظن أنه مركز العالم، وأنه يجوز له أن يفعل ما يشاء بعكس الآخرين. قد يقول قائل إن السبب يكمن في البيئة أو المجتمع أو القيم التي تعتمدها المؤسسات المجتمعية المسيطرة على مفاهيم الناس، إلا أن الواقع يؤكد أن ربط هذه التجاوزات بانحسار أهمية التعليم كمؤسس للسلوك، ومدير للتعامل بين الناس منطقي ومعقول.
إن القناعة بأهمية العلم في حد ذاته هي الموجه الحقيقي للأفراد والمجتمع نحو البحث عن الكمال. هو الدافع إلى تبني مفاهيم العناية بالآخر والتركيز على الدور المجتمعي الذي يمكن أن يسهم به الواحد منا في نشر وترسيخ أخلاقيات مهمة تسهم في رقي الوطن وتحافظ على تماسكه.
حتى إنني قد أربط بين العلم الحقيقي أي العلم للعلم وبين ما نعيشه من مخاطر يمارسها أغلبنا سواء في الشارع أو البيت أو العمل أو حتى في المسجد حيث نفقد روح الجماعة وتسيطر علينا الفردية والتفكير بالذات وكيف نحقق ما تريد سواء كان صحيحا أو خاطئا.. موضوع الحفلات هذا يحتاج مزيدا من النقاش.. فإلى الغد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي