خير ضيف
يأتي رمضان هذا العام ونحن في حال مختلف. البعض أصبحوا أكثر سعادة، وآخرون أكثر ألما وفاقة، العالم يرانا من منظور مختلف، ولا يزال أبطالنا يقاتلون عناصر البغي والعدوان في اليمن الشقيق.
يأتي رمضان والعالم الإسلامي قد تراجع خطوات للوراء، فقد استمر القتال بين من يسمون أنفسهم المسلمين، وشجعهم على ذلك كل أعدائهم. بل إن كثيرا ممن يدعون الديمقراطية وينادون بحقوق الإنسان لم يستحوا من إفراد المسلمين بالطرد وهم مهجرون، والنفي وهم يدفعون الأموال، ويسهمون في نهضة الدول.
يأتي رمضان ونحن قد خسرنا الأمن في سورية والعراق وليبيا، ونكاد نخسره في دول إسلامية كثيرة. يأتي رمضان ولا يزال هناك من يدعي أنه سينشر الإسلام، ولكن على جثث المسلمين. يأتي رمضان والدول الإسلامية تقبع في المؤخرة في مجالات التعليم والرفاهية، يعتمدون في كل شيء على الآخرين، فلا يبحثون عن وحدة تجمعهم وتحميهم ممن يستغلون ضعفهم وقلة حيلتهم.
فيا أيها القادم العظيم، لعلك تفتح قلوبنا وعقولنا، وتعيد لنا بعض الروحانية. تعيد لنا المعنى الصحيح لدين الله، الذي اجتمع على صحته أكثر من في الأرض، حتى أولئك الذين لم يؤمنوا به. أنت أيها القادم الحبيب رمز التقوى ورمز الإيمان الحقيقي، حيث يتعامل المسلم مع ربه صياما عن كل ما يغضب الله.
أيها الشهر الكريم، نحن أحوج ما نكون إلى صيامك الحقيقي الذي فيه تبرز روح المحبة والتعاطف مع كل محتاج، فيك يعيش المسلم حاجة أخيه، وفيك تجتمع القلوب والأيدي على التعاون على البر والتقوى. فيك نشهد تجلي الرحمات من كل الناس، ونرجو المولى أن يفيض علينا من رحماته وكرمه.
أيها الضيف الحبيب، لعلك تحملنا في ليال كريمة نحو القرب من رضى الرحمن، واحتساب الأجر في كل ما نقوم به من الأعمال، لعلك تحقق لنا قربا من بعضنا، وبحثا عن غفران ذنوبنا، وتوجها نحو إصلاح أحوالنا، فحال الأمة الذي لا يسر هو مجموع الفساد الذي تأثرت به أحوال أبنائها.
اللهم بلغنا رمضان وارزقنا فيه العمل الصالح الذي يرضيك، وجنبنا فيه الجهل والسوء من القول والعمل، اللهم اجعله بداية لنصر أمة محمد ــ صلى الله عليه وسلم ـــ وعودتها إلى الطريق القويم.