بعد الشعير..هل يواجه القمح أزمة المخزون؟
سجل سعر القمح في الأسواق العالمية رقما تاريخيا جديدا وصل إلى 7.1 دولار للكيس سعة 27 كيلو جراما (985 ريالا للطن)، وذلك في بورصة شيكاغو وفقا لأسعار الجمعة الماضي، في الوقت الذي تخوفت فيه مصادر زراعية سعودية من تسجيل عجز في المخزون الاستراتيجي محليا لهذه السلعة العام المقبل، على أثر بوادر خروج أعداد كبيرة من المزارعين المحليين من النشاط بفعل ارتفاع أسعار المدخلات والنقل بنسب تصل إلى 300 في المائة وانخفاض سعر شرائه من الدولة إلى ريال واحد للكيلو جرام. ويرى مختصون في السعودية أن الظروف الأخيرة التي من بينها ارتفاع أسعار القمح عالميا، وارتفاع تكاليف زراعته محليا تدعم توجهات الدولة في استمرار دعم زراعة القمح على اعتبار أنه جزء من الأمن الغذائي، خاصة في ظل الظروف العالمية المضطربة.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
سجل سعر القمح في الأسواق العالمية رقما تاريخيا جديدا وصل إلى 7.1 دولار للكيس سعة 27 كيلو جراما (985 ريالا للطن)، وذلك في في بورصة شيكاغو وفقا لأسعار الجمعة الماضية، في الوقت الذي تخوفت فيه مصادر زراعية سعودية من تسجيل عجز في المخزون الاستراتيجي محليا لهذه السلعة العام المقبل، على إثر بوادر خروج أعداد كبيرة من المزارعين المحليين من النشاط بفعل ارتفاع أسعار المدخلات والنقل بنسب تصل إلى 300 في المائة وانخفاض سعر شرائه من الدولة إلى ريال واحد للكيلو جرام.
وكسر هذا المنتج العالمي رقما تاريخيا سابقا سجله في العام 1996، عندما سجل 7.17 دولار للعبوة ذاتها بفعل ارتفاع حاد في الطلب وسط أنباء متشائمة على صعيد الإنتاج.
ويتجاوز هذا السعر قبل احتساب أجور النقل سعر إنتاجه محليا (ألف ريال للطن قبل احتساب الزكاة والشوائب التي تبلغ في المتوسط 10 في المائة)، وإذا ما أخذ في الاعتبار ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج وخاصة الأسمدة والمبيدات فإن تكلفته محليا أقل من تكلفة استيراده.
ويرى مختصون في السعودية أن الظروف الأخيرة والتي من بينها ارتفاع أسعار القمح عالميا، وارتفاع تكاليف زراعته محليا يدعمان توجهات الدولة في استمرار دعم زراعة القمح على اعتبار أنه جزء من الأمن الغذائي خاصة في ظل الظروف العالمية المضطربة.
ويرى كثيرون أهمية رفع معدل الدعم بإعادة سعر الشراء إلى 1.5 للكيلو جرام بدلا من ريال واحد حاليا على أقل تقدير لمواجهة لمواجهة ارتفاع أسعار المدخلات التي سجلت بعضها ارتفاعا بأكثر من 100 في المائة، في حين سجلت أسعار النقل ارتفاعا بلغ أكثر من 300 في المائة.
ويقول خبراء في مجال الزراعة في السعودية إن العامين المقبلين سيكونان حاسمين لهذا النشاط، إذ إن استمرار الوضع على حاله سيكون كارثة حقيقية، حيث سيؤثر ذلك في النشاط الاقتصادي في عدة مناطق مثل وادي الدواسر، حائل، الجوف، وتبوك.
ويعتقد مزارعون أن رفع سعر شراء القمح من قبل الدولة سيكون ضمانة لتوفير مخزون استراتيجي للاستهلاك المحلي خلال العام المقبل، فضلا عن دوره في إنعاش الدورة الاقتصادية إذ إن الخطوة ستدفع المزارعين إلى الزراعة بدلا من الخروج من النشاط، وهي التوقعات التي بدأت تنتشر في بعض المناطق نظرا لتدني العائد المالي والجدوى الاقتصادية.
وفي هذا الإطار، قال لـ "الاقتصادية" خالد بن عبد المحسن الباتع رئيس جميعة مزارعي حائل "وجود بوادر لانسحاب عدد كبير من المزارعين من الموسم بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج. وبين الباتع أن الجمعية تحاول مساعدة المزارعين على مواصلة الزراعة بإقناعهم بالانضمام إلى الجمعية لتقليل ذلك، لكن "في النهاية هناك بوادر يجب النظر إليها بعناية" على حد قوله.
من جانبه قال الخبير الزراعي عبد العزيز الطلاس إن زيارة واحدة لأسواق المعدات الزراعية والبذور تكشف الوضع، حيث يتبين أن هناك اتجاها للعزوف عن الزراعة (ربما القمح تحديدا) بسبب عدم جدوى الزراعة. وأشار الطلاس إلى أن هذا الأمر سيشكل عقبة كبيرة لأن توقف المزارعين عن الزراعة له انعكاسات كثيرة أحدها الهجرة التي يمكن أن تكون وسيلة ضغط على المدن الكبيرة. وختم الطلاس بالإشارة إلى أنه يتوقع تدخلا من الدولة فهي "السند الحقيقي للمواطن، ولن تخذله أبدا، لأن هذا ديدن ولاة الأمر في هذه البلاد".
على صعيد ارتفاع السلعة في الأسواق العالمية قال المحلل بيل نيلسون إن الأمطار الغزيرة التي شهدتها أوروبا في الأيام الأخير وخاصة في بريطانيا وألمانيا وفرنسا تثير مخاوف من تراجع جديد في محاصيل هذه الدول. وأضاف في تصريحات لوكالة رويترز "هناك مخاوف من تراجع جديد في محاصيل هذه الدول. وأضاف " هناك تخمينات بشأن أضرار محتملة في إنتاج أستراليا من القمح". ومنذ بداية العام سجل القمح ارتفاعا بنحو 43 في المائة, لكن رغم الارتفاع فإن الطلب لم يضعف على القمح.
يشار إلى أن تجربة زراعة القمح بدأت في نهاية السبعينيات الميلادية وبدأت بمشروع طموح من الحكومة اعتمد على ضخ القروض للمزارعين ومنح تسهيلات كبيرة جدا خلقت مدنا كثيرة، ورفعت مستويات دخل الفرد، بيد أنها شهدت تحولات كبيرة تتعلق بإعادة النظر في القروض، ثم تم تخفيض سعر شراء القمح من 3.5 ريال للكيلو جرام إلى ريال واحد على عدة مراحل. وهناك مخاوف حقيقة حاليا من خروج بين 40 إلى 50 في المائة من المزارعين المحليين بسبب الظروف التي تحيط بالنشاط.