«صائم لا تكلمني»
قبل رمضان كل شيء فكرنا فيه وتجهزنا له إلا الصيام نفسه، ورغم أني لا أحبذ ربط الشعائر الدينية بالفوائد الصحية إلا أني أتحسر مثل غيري على إضاعتنا لنعمة كبيرة أهداناها المولى ـــ عز وجل ـــ وانشغلنا بالشكليات، صحون رمضان وجلابيات رمضان ومقاضي رمضان، نتجهز وكأننا في حالة حرب وكأن المواد التموينية ستنقطع، والغريب أنه بعد كل هذا إذا أحببت أن تغير جو عائلتك في رمضان وتفطر في أحد المطاعم لن تجد حجزا، فأين اختفت مقاضي رمضان؟!
عندما نصوم تتوقف إحدى أعقد العمليات التي ترهق أجسادنا وهي «عملية الهضم» فترتاح أغلب أعضاء جسمنا ويبدأ الجسد يفكر بهدوء وبطريقة صحيحة ويحصل على طاقته من نواتج تكسر مخزون الدهون المتراكمة، ينتظر جسدك رمضان ليحلل مشكلاته ويلفظ خلاياه الفاسدة ويستعيد قواه ولكن بطريقة صومنا الحالية نحن نصدم أجسادنا ونجعلها تعيش في رمضان أسوأ من ذي قبل!
ونرفع شعار (لا تكلمني أنا صائم) ففي نهار رمضان ترى العبوس وسرعة الغضب، بينما في الواقع الجوع يمنحك صفاء ذهن وتركيزا أعلى وفهما أسرع ويحد من العصبية فالدم الذي كان يستهلك في الهضم وامتصاص الطاقة سيتجه بغزارة للمخ!
ويرتاح القلب وتقل كميات الدم التي يضخها بمعدل الربع تقريبا ما يسهم في علاج مرضى الضغط وتصلب الشرايين التي تحصل على دم نقي!
قرر رجل أعمال بريطاني يبلغ 53عاما في ثلاثينيات القرن الماضي أن يتداوى بالصوم بعد أن فقد بصره بسبب عتامة العدسة ثم خسر حاسة الشم وبدأ يعاني مشكلات في القلب والشرايين بعد أن جرب كل طرق العلاج ! باشر بالصوم تحت إشراف الإخصائي جون آرمسترنج، وذلك بعد أن جرب جميع أنواع العلاج دون جدوى! امتنع هذا الرجل الذي كان يزن 86.5 كيلوجراما عن تناول الطعام لمدة 101 يوم. كان الشهران الأولان من الصيام كفيلين بمعالجته واستعادته لنظره وحاسة شمه لكنه استمر فتحسنت حالة قلبه وشرايينه ونزل وزنه إلى 40.3 كيلوجراما مع احتفاظه بكامل نشاطه!
يقول المستشار الروسي الدكتور فون سيلاند: «إن أكثر ما أسعدني وثبتني على قرار الصوم بانتظام هو الشعور الرائع بالارتياح والمزاج الجيد الذي يؤمنهما لي. فبعد كل فترة علاج كنت أشعر بحيوية وتفاؤل فتى في الـ 15».
لو تمكنا من تحسين عاداتنا الغذائية مع الصوم خلال هذا الشهر الفضيل سنلاحظ عند نهايته إننا أصبحنا مختلفين أقل وزنا وأهدأ وأكثر إدراكا وإشراقا ولن نضطر لتغيير ملابس العيد!