رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تمزيق المنطقة .. وسياسة السقوط المستمر

التأمل في أوضاع عالمنا العربي والإسلامي، وما فيه من مآس، حيث القتل والتدمير، والتفجير، والتمزق بفعل أدوات محلية، وأخرى دولية، تسعى للمحافظة على مصالحها من خلال التخطيط بعيد النظر، والدعم الإعلامي، والسياسي لكل ما يسهم في تحقيق المصالح، يتطلب منا نحن أبناء المنطقة المتضررين من الوضع أن نفكر بعمق لكشف الاستراتيجيات، والتكتيكات التي يعمل وفقها أعداء الأمة.
المحافظة على المصالح الدولية يعتبر هدفا استراتيجيا لا يمكن التنازل عنه، أو التفريط فيه، وبهدف تحقيق هذا الهدف يلزم اتباع استراتيجيات، وسياسات، وتكتيكات مرنة حسب الظروف، والمتغيرات، فالاستراتيجية العامة تقوم على إضعاف الخصم المستهدف، وذلك بتفكيك الكتلة الأساس من خلال استثمار نقاط الضعف، والتباينات الموجودة بين المكونات.. سواء كانت عرقية، أو مصالح، أو مذهبية، أو جهوية، كما يحلو للإخوة في المغرب العربي.
تضخيم التباينات، والاختلافات يتم من خلال الضخ الإعلامي، وهو الذراع القوية في هذه المرحلة من التاريخ، وما يلاحظ هذه الجهود الجبارة التي تبذل لنبش أحداث التاريخ المأساوية، واستحضارها لجعلها جزءا من الحاضر تسهم في التأثير في مجرياته لتخدم في النهاية الهدف الاستراتيجي الذي يضعف الأمة، ويرسم مستقبلها المفكك. وما أحداث العراق، وسورية، حيث شعارات ثارات الحسين، وزينب، والتجرؤ، والتطاول على رموز الأمة إلا تكتيكات تصب في مصلحة الهدف الاستراتيجي.
استغلال أفراد محسوبين على الأمة لإشاعة، وترويج القصص، والروايات، وتثبيت الأحداث التاريخية في عقول الناس لتسهل استثارتهم والتأثير فيهم وتحريكهم في أي ظرف يمثل تكتيكا ناجحا، حيث البعض يسعى للشهرة، أو المكاسب المادية، أو المناصب، وواقعنا يشهد بهذه الحقيقة الدامغة، إذ لا شغل للبعض إلا بث واستحضار كل ما يفتت الأمة ويضعفها.
من التكتيكات المستخدمة استحداث الأنظمة، والقوانين المعززة للفرقة، والتشتت بين أبناء الوطن الواحد، وما فعلته أمريكا في دستور بريمر تكتيك خبيث زرع الفتنة، والشك، ومن ثم الفرقة بين المكونات، وما حوادث الهجوم على المدن العراقية، والتفجيرات، والقتل على الهوية إلا نتيجة حتمية لدستور استهدف تمزيق المجتمع، وتفكيك الوطن بعدما سقطت رابطة الانتماء الوطنية، لتحل محلها روابط أخرى جعلت بعض العراقيين يحارب وطنه، وأبناء وطنه لمصلحة أمريكا، وإيران وأهدافهما المشتركة.
تحول العراق إلى مجموعات متناحرة وبلد فاشل بعدما كان قويا عزيزا يمثل انفلات وتد من أوتاد الخيمة المستهدفة، حتى تبدأ الخيمة في الاهتزاز لأي هبة ريح. سورية وتد داعم للخيمة الكبيرة، لكن التدخل الأمريكي والإيراني والروسي، والحيلولة دون نجاح ثورتها، وإدخال الثورة في متاهة الولاءات المتعددة مثَّل نقطة ضعف في كيان الأمة، ونقطة قوة لاستراتيجية العدو الساعي لإسقاط خيمة الجميع.
اليمن بأحداثه، والملابسات التي تعتري مشهده يؤكد التناسق بين عناصر الاستراتيجية المرسومة للمنطقة، فالتدخل الأممي غير النزيه، إضافة إلى الدعم الإيراني المادي والعسكري، والدعم السياسي لأقلية الحوثي تمثل خطوة مرسومة بشكل دقيق لإضعاف الخيمة من جميع جوانبها. أما لبنان فإن هيمنة حزب الله على مقاليد الأمور فيه يمثل عنصرا لدعم استراتيجية إيران، وما تصريح مسؤولي إيران من أنهم يسيطرون على أربع عواصم عربية إلا تأكيد لاكتمال سياسة سقوط الخيمة.
استغلال ضعف المستهدف الرئيس في المنطقة، وابتزازه بجميع أوجه الابتزاز، وتجريده من عناصر القوة التي يمتلكها المادي منها، والمعنوي، وتحييد الظهير الاجتماعي بتهميشه، وإبعاده عن دائرة اتخاذ القرار يجعل الخيمة في وضع صعب يسهل إسقاطها بإسقاط العمود الذي يتوسطها، وبهذا تكون الاستراتيجية العامة المتفق عليها بين الأطراف قد تكاملت لتتجزأ المنطقة، ويسهل التفرد بكل كيان من هذه الكيانات الضعيفة، ومن ثم استغلال ثروات المنطقة أبشع استغلال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي