القوانين الخليجية الموحدة .. تكامل النجاح
في العام المقبل، سيتم تطبيق نظام مكافحة الغش التجاري الخليجي الموحد، وهي خطوة كبيرة إلى الأمام على مختلف الأصعدة، ولا سيما تلك التي تتعلق بالتنافسية وحقوق الإنتاج والابتكار، وحماية المستهلك، وغير ذلك مما يرتبط بهذا القانون المهم. وعلى الرغم من أن مشروع قانون المنافسة الموحد تأجل لاستكمال بقية الجوانب الخاصة بدراسته، إلا أن الخطوات تسير بوتيرة جيدة بهذا الخصوص. فالتجمعات الناجحة بين دول تجمعها قوانين من هذا النوع، تكفل الحماية لكل الأطراف، خصوصا في ظل السوق العالمية المفتوحة، فضلا عن أنها تضيف دعما جديدا للحراك الاقتصادي المحلي، بما في ذلك من ناحية استقطاب الاستثمارات الأجنبية، التي تتطلب كثيرا من الإجراءات المشجعة والضامنة والمريحة في بيئة أعمالها واستثماراتها.
والقانون المشار إليه، يتضمن كثيرا من المعايير والإجراءات، بما في ذلك توحيد أنظمة السجل التجاري، الذي سيحمل اسم "السجل التجاري الخليجي"، وهذا يعني أن كل المؤسسات والشركات التي تسجل في بلدان مجلس التعاون الخليجي تخضع للمعايير نفسها، ما يزيد من التنافسية الإيجابية، ويضيف مزيدا من الشفافية في الأداء الاقتصادي العام. وعلى الرغم من أن هذا المشروع لا يزال في طور الإعداد، إلا أن العمل عليه يؤكد مجددا أهمية الخطوات الخليجية المشتركة على صعيد توحيد الأدوات الاقتصادية كلها، ولا سيما تلك التي تتعلق بالإنتاج والابتكار والصناعة وغير ذلك، وسيكون مشروع قانون السجل التجاري الموحد مرحلة أخرى، تلي قانون مكافحة الغش التجاري في عملية التنفيذ.
ووفق المسؤولين في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، هناك توجيهات من أعلى مستوى لإقرار المشاريع الإلزامية لجميع الدول الأعضاء، ما يعزز الحراك على صعيد توحيد الأدوات الاقتصادية المختلفة. والحق أن قانون مكافحة الغش التجاري في الخليج، يمكن اعتباره بداية لعديد من مشاريع القوانين المحورية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة، بما في ذلك مشروع قانون العلامات التجارية، الذي سيبدأ "وفق المسؤولين الخليجيين" كمنصة إلكترونية واحدة، أو منصات حسب التوجه المبدئي، حتى يصل إلى المرحلة النهائية كمنصة خليجية موحدة، وهذا أيضا حراك تشريعي ضروري في هذه المرحلة؛ لأن العلامات التجارية جزء أصيل من التصنيع والتجارة، والمنصة الواحدة المنشودة ستدعم البيئة الاقتصادية العامة.
ولعل من أهم النقاط في الحراك التشريعي والقانوني الخليجي الراهن، هي تلك التي تتعلق بتشجيع الصادرات الخليجية غير النفطية، في الوقت الذي بدأت فيه بلدان الخليج كلها التحرك لبناء اقتصادات غير نفطية، متنوعة في مصادر الدخل. ووفق المسؤولين الخليجيين، فإن تشجيع هذا النوع من الصادرات يدفع البلدان المعنية إلى العمل من خلال أجهزتها على توحيد الجهود من خلال اتحاد جمركي وتكتل اقتصادي موحد، للوصول إلى السوق المشتركة، ولا شك في أن الإسراع في هذا المجال سيختصر كثيرا من الخطوات نحو تكامل خليجي بات ضروريا الآن أكثر من أي وقت مضى. فالتكتلات الناجحة هي تلك التي تقوم على أعلى مستوى من التكامل.
ويتفق المسؤولون الخليجيون بالفعل على ضرورة توحيد القوانين والتشريعات الاقتصادية، والباب يبقى مفتوحا لنقل مزيد من مشاريع القوانين إلى مرحلة التنفيذ، ولا سيما مع توافر أداوتها بالفعل على الساحة؛ أي أن الأرضية معدة لها بصورة عملية وواقعية. لا أحد يطالب بالقفز من أجل السرعة فقط، خصوصا على صعيد التشريع الذي يتطلب مزيدا من الدراسة ليس على صعيد الجدوى، بل من جهة جودة التطبيق، فالجدوى متفق عليها من جميع الأطراف الخليجية، ويمكن اختصارها، بأن التكامل التشريعي والقانوني هو الهدف الضامن لمجلس التعاون على مختلف الأصعدة.