محللون: المحافظ والبنوك وموظفو مالية "إعمار" وراء الهبوط الحاد للأسهم الإماراتية
حمل محللون ماليون المحافظ الأجنبية والبنوك المحلية وموظفي الإدارة المالية في شركة إعمار العقارية مسؤلية الهبوط الحاد الذي عاشته أسواق المال الإماراتية طيلة الأسبوع الماضي والذي بلغ الذروة الأربعاء الماضي قبل أن ترتد سوق دبي بنهاية الأسبوع مستردة كامل خسائرها حيث ارتفع مؤشرها بنسبة 4.5 في المائة وهو أعلى مستوي صعود منذ عام 2005 في يوم واحد.
وقال المحللون إن مبيعات صناديق ومحافظ الاستثمار الأجنبية على مدى خمس جلسات متتالية أسهمت في الضغط على مؤشرات الأسواق وتزامن معها إجبار البنوك المحلية لعملائها بتسييل محافظهم بعدما وصلت الأسعار إلى مستويات مخيفة إلى جانب فشل موظفي الإدارة في شركة إعمار العقارية في طمأنة المستثمرين بشأن وضعية استثمارات الشركة في الأسواق الأمريكية.
ويرصد الدكتور همّام الشماع المستشار الاقتصادي لشركة الفجر للأوراق المالية عدة عوامل يقول إنها تضافرت في آن واحد لتدفع السوق نحو التراجع الذي كاد يصل إلى مستوى التراجع الذي حل بالبورصات العالمية يوم الجمعة قبل الماضي.
الأول أن تحسّب مديري المحافظ كان أكبر من مستوى الحدث عندما قاموا بعمليات تسيّيل تزامنت مع التسييل الذي قام به الأجانب مما عمق من أثر الأزمة العالمية في انعكاسها على الأسواق المحلية ويمكن أن نطلق على ذلك بالذكاء المفرط في التحسب وانطلاقا من هذه الحالة التي أطلقت الموجة الأولى من موجات التسييل تتابعت بفعل العوامل النفسية موجات تسييل أخرى أدت بدورها إلى تزايد الهلع وتسارع عروض البيع تباعا مع تسارع وقع الخوف والهلع في نفوس المستثمرين.
العامل الثاني هو أن تسييل الأجانب انصب على الأسهم ذات التقييمات الجيدة التي كانوا دخلوا عليها سابقاً على أساس مضاعفاتها المنخفضة وتشكل هذه الأسهم الثقل الأساسي في المحافظ الاستثمارية بصورة عامة بما في ذلك المحافظ الذكية والمحافظ المؤسساتية وكنتيجة لذلك انخفضت أسعار الأسهم التي يفترض ألا تتعرض للانخفاض أو أن يكون انخفاضها أقل من نسبة انخفاض السوق, حيث انصب عليها الانخفاض بالنسبة الأكبر مما جعل المحافظ تخسر بنسبة أكبر من نسبة خسارة السوق, الأمر الذي دفع مديري المحافظ للتسييل بأكثر مما يجب تجنباً لمزيد من الخسائر وانتظاراً للتحسن الذي يعتبر حتمياً بعد انتهاء موجة البيع الحالية، وهذا يعني أنه في حال انتهاء موجة البيع الحالية فسوف نشهد موجة بيع متصاعدة في حدتها وفعلاً بدأت طلائعها بالظهور منذ التداولات الأولى يوم الخميس، حيث بدأت طلبات الشراء بالتسارع تدريجياً بدليل حجم التداول الذي بدأ متباطئاً في الساعة الأولى حيث لم يتجاوز 100 مليون ليتسارع بعد ذلك وتتسارع أيضاً وتيرة ارتفاع المؤشر ومع ذلك فإن المحدودية النسبية لحجم التداول يمكن تفسيرها بالقلة النسبية لعروض البيع عند المستويات السعرية المتدرجة صعوداً للشراء. كما كان تماثل السوقين في أداء المؤشر دليلا آخر على زوال العوامل السلبية من كلا السوقين في آن واحد.
إشاعة إعمار
أما العامل الثالث الذي يرصده الشماع يتعلق بالانخفاض الكبير في سهم إعمار والأسهم العقارية خلال الجلسات التسع الماضية والتي جاءت على وقع الشائعات التي روجت شائعة مفادها أن خبر ما سيعلن من "إعمار" وهو ذو طبيعة سلبية ولم تكن الشائعة من فراغ ولكن الغموض الذي اكتنفها جعلها تبدو كقنبلة موقوتة في سوق متوترة أصلاً ولم ينجل أثر الشائعة حتى بعد أن بادرت "إعمار" وكشفت عن تأثر استثماراتها العقارية في السوق الأمريكية بكل صراحة وشفافية واستمر المتلاعبون في بيع "إعمار" والتأثير في كلا السوقين سلباً.
أما المحلل المالي محمد على ياسين مدير شركة الإمارات للأسهم والسندات فيرصد عاملا آخرا للهبوط الحاد الذي عاشته الأسواق الإماراتية يتمثل في قيام بعض البنوك المحلية بتسييل محافظ بعض عملائها المقترضين، لاقتراب أسعار الأسهم من سعر التسييل ضمن ما يعرف بـ (margin call) بداية الأسبوع وكان لذلك الدور الأكبر في زيادة ضغوط البيع في الأسواق التي كانت تعاني أصلا ضعف الطلبات ما أسهم في تراجع أسعارها بنسب كبيرة.
وأكد ياسين أن أسعار العديد من الأسهم حاليا تمثل فرصا شرائية ممتازة لمن توافرت لديه السيولة متوسطة الأجل وغير المقترضة، ذلك أن أداء الشركات خلال النصف الأول من العام الحالي، والمتوقعة حتى نهاية العام، تؤكد حقيقة أن العديد منها يتداول بأقل من قيمته العادلة حسب التحليلات الأساسية. كما أنه في ظل التخفيض المتوالي المتوقع خلال الأشهر المقبلة لأسعار الفائدة الأمريكية وبالتالي المحلية، فإن ريع تلك الأسهم بداية العام المقبل عند انعقاد جمعياتها العمومية، ستكون منافسة للفائدة على الودائع البنكية، وربما تتجاوزها، مما سيسهم في تحويل كثير من تلك السيولة إلى قنوات ادخارية واستثمارية أخرى مثل أسواق الأسهم.