لا أرى جواز نقل الأعضاء من إنسان ميت إلى إنسان حي

لا أرى جواز نقل الأعضاء من إنسان ميت إلى إنسان حي

أوضح الشيخ عبد الله بن جبرين عضو الإفتاء سابقا عدم جواز نقل الأعضاء من إنسان ميت إلى إنسان حي لكنه مريض وسيستفيد من هذه الأعضاء, وقال إن المسلم حرمته ميتا كحرمته حيا، وثبت أن النبي, صلى الله عليه وسلم, قال: (كسر عظم الميت ككسره حيا) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم عن عائشة وزاد في رواية عن أم سلمة "ككسر عظم الحي", يعني في الإثم، فعلى هذا نقول: إن العبث في أعضائه بقطع شيء منها يدخل في هذا الحديث، ويمكن أن يُستثنى من ذلك إذا كان حيا عاقلا، وتبرع بشيء من أعضائه التي لا يضره فقدها: كالكُلية، ولا يدخل في ذلك الكافر، فإنه لا حرمة له في حياته، وهكذا بعد موته. وإن كان قد ورد النهي عن التمثيل بالقتلى في الحرب، فإن رخص في الأخذ من المريض أحد يعتبر قوله، فالعهدة عليه.
وأكد فضيلته أنه لا يجوز تتبع الرخص التي هي زلات؛ فإن العالم قد يزل؛ ولذلك ورد في الحديث: اتقوا زلة العالم؛ كيف نعرف أن العالم قد زل؟ إذا رأيتموه أفتى بفتوى استنكرها العامة فضلا عن الخاصة، وخالفت الأشياء المعتادة. فيحدث وللأسف - كما ذكر السائل - تتبع زلات هؤلاء العلماء، فيجتمع في الذي يتتبعهم الشر كله.
فإذا قبل فتوى من أباح الغناء أو صار فيه هذا العيب، ثم تتبع أيضا رخصة من أباح التصوير أو اقتناء الصور فهذه أيضا مصيبة، ثم أباح أيضا السفور والتبرج؛ وأباح ذلك لنساء المسلمين كانت هذه أيضا زلة كبيرة. وكذلك أيضا إذا أباح بعضهم ترك الصلاة مع الجماعة، وجواز الصلاة منفردا؛ اجتمعت فيه هذه الخصال التي هي شر؛ فاجتمع فيه الشر كله.
الذين وقع منهم زلة - زلة واحدة - ما قالوا بجميع هذه الأمور؛ فالذين مثلا أباحوا الغناء ما أباحوا التوسع فيه، ولا أباحوا السفور، ولا أباحوا التصوير، ولا أباحوا سفر المرأة دون محرم، ولا أباحوا موالاة الكفار، ولا مصادقة الأعداء ونحو ذلك، فإنما أباحها واحد؛ فيعتبر معذورا. فنقول: إن على طالب العلم أن يأخذ الحق ويترك الباطل ولو قال به من قال به.
وذهب الشيخ الجبرين إلى الحديث عن العقم في معرض إجابته عن عدد من الأسئلة التي تطرح عليه تباعا في دروسه العلمية, فقال كما هو معلوم أن العقم هو عدم الإنجاب، ولم يكن الأولون يذكرون السبب، ولكن بعد وجود التحاليل ظهر أن من أسبابه قلة الحيوانات المنوية في مني الرجل أو عدمها، إن العقم عيب خلقي، فإذا ثبت والمرأة لم تعرف ذلك فلها الحق في طلب الطلاق بعد التأكد من وجود العقم لرغبتها في الذرية، فإن وجدت الحلول الطبية والعلاجات الشرعية التي تعيد إلى الرجل ما نقصه من أسباب الإنجاب، فليس لها طلب الفسخ إلا بعد إجراء العمليات وعدم الإفادة منها.
وفي سؤال حول تحنيط الحيوانات وإمكانية الاستفادة منها أبدى فضيلته عدم ممانعته من تحنيط الحيوان، كبهيمة الأنعام والصيد والطيور والحشرات والديدان، ويكون القصد الاستفادة منها والتعلم لوظائف أعضائها وأخذ فكرة وعبرة من عجيب خلقها، ودلالتها على قدرة الخالق لها، وأضاف أنه لا بأس بشرائها وتبادلها وإمساكها، وإذا قيل: إنها صور لا روح فيها. نقول: نعم، ولكنها خلق الله - تعالى- لم يغير فيها شيء من أعضائها، إلا أنها أخرجت منها الأرواح التي بها تتحرك، فهي خلق الله وتكوينه، وليس لنا فيها سوى علاجها حتى يبقى الهيكل كما خلقه الله, وقال فضيلته إنه حسب علمي القاصر لا بأس في ذلك؛ لأنه قد يستفاد منها في التربية الفنية ودروس علوم الأحياء وخواص المخلوقات، وما تحتوي عليه أجزاؤها وحواسها، وما فيها من العلوم والآيات العجيبة في خلقها، وتركيب أعضائها ووظيفة كل عضو وكيفية تركيبها، وحيث إن التحنيط هو علاجها بدواء يحفظ الجثمان ويبقي الهيكل كاملا، وتخرج الروح ويجفف اللحم والمخ والشحم، حتى يزول عنه النتن والروائح الخائسة، ثم يحتفظ بهذه الجثة وتبقى للاعتبار والتذكر والتفكر في عجيب خلقها، وإما أن يستفاد منها في تعليم التلاميذ خصائص كل عضو ووظائف كل جزء منها، وما يعرض لها من العاهات وكيف يتم علاجها.
وأكثر العلماء من الكتابة حول تركيب أجزاء الحيوانات وخصائص أعضائها وما فيها من العجائب، ومن أحسن من رأيته كتب في ذلك ابن القيم في كتابه "مفتاح دار السعادة"، وذكر ذلك للعظة والاعتبار، وكذا تكلم على قوله - تعالى (وَفِي الأرض آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ ) في كتابه التبيان في أقسام القرآن، وتوسع في عجائب خلق الإنسان، وكتب بعض المتأخرين كتابًا مطبوعًا بعنوان (الإنسان ذلك العالم المجهول)، وتوسع في عجائب ما في الإنسان من الأعضاء والمفاصل ونحو ذلك .والله أعلم
وأبان فضيلته أن من الصور التي تثير شبهة عند بعض المتعاملين في سوق الذهب هي رغبة بعض الناس شراء الذهب من محل ذهب وهو لا يملك المبلغ كاملاً، ويخشى أن يباع هذا الذهب، وفي الوقت نفسه يخشى من الوقوع في الربا؛ وقد اتفق على أن يكون الذهب محجوزاً عند صاحب المحل لا يبيعه لأحد على أن يعطيه كل نهاية شهر جزءا من المبلغ حتى يستوفيه، وعندما يوفيه المبلغ يأخذ الذهب، وهذه الصورة المذكورة الظاهر فيها أنه قد تم الاتفاق على المبايعة، وتم البيع على أن يبقى الذهب عند صاحب المحل، ويأتي المشتري بالثمن متفرقاً في أوقات مختلفة، ومعنى هذا أن الذهب بقي عند صاحب المحل أمانة، سواء كان على وجه الرهن أو لم يكن، وعلى هذا فلم يتحقق شرط التقابض فتكون هذه المعاملة من الربا المحرم فتكون باطلة.
وقال إنه صح عن النبي, صلى الله عليه وسلم من حديث عبادة بن الصامت, رضي الله عنه, أنه قال: "الذهب بالذهب يداً بيد سواءً بسواء"، ومن حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: "الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء" يعني خذ وهات، ومعناه: أن بيع الذهب بالذهب يجب فيه التقابض قبل التفرق، فإن تفرق المتبايعان قبل أن يقبض كل منهما ماله، كان البيع باطلاً، والطريقة التي يمكن بها تحقيق غرض المشتري أن يقول لصاحب المحل: لا تبع هذا الذهب، أخِّره حتى يتوافر عندي الثمن كاملاً فأشتريه منك، فإذا توافر الثمن كاملاً، وهو لا يزال راغباً في الشراء وجب أن يشتريه بسعره ذلك الوقت زائداً أو ناقصاً، وعلى هذا فلم يكن بيع إلا بعد ما توافر الثمن، وتأخير صاحبه بيع ذلك الذهب تسامح منه لتحقيق رغبة ذلك الراغب في الشراء، والله أعلم

الأكثر قراءة