جديد على النعمة
أول ما يجب أن يفعله من يرزقه الله من فضله هو المحافظة على نفسه من البطر، الذي يؤدي إلى كُفر النعم. تُكفَر النعمة بأمور كثيرة، أهمها تسخير هذه النعمة فيما يخالف الدين والمنطق والأدب والعرف الاجتماعي المقبول. تكفر النعمة بعدم شكرها، وعدم أداء حقها المشروع لله عز وجل، وتقديم العون لمن كان صاحب النعمة الحديث واحدا منهم.
عندما يكفر واحد النعمة وهو نكرة، فإثمه على نفسه، وأثر سلوكه يطوله هو. أما من يكفر النعمة وهو مشهور في المجتمع، أو يمثل المجتمع، كمن يسافرون إلى خارج البلاد، ويعيثون في الأرض الفساد، فهم يبوؤون بإثمين مضاعفين، فكفر النعمة واحد، والإساءة لمن خلفهم أثرها أكبر وأخطر على المجتمع.
إن السلوك الفردي الذي يعتبره البعض حقا محضا لهم، لا يكون كذلك عندما يشاهده من يكونون من خلاله رأيا عن البلاد وأهلها جميعا. صورة العربي الذي يحتسي الخمر أو يمارس القمار في الأفلام الأجنبية، هو ترسيخ لمفهوم بنوه من خلال رؤيتهم للقلة القليلة التي لا يمكن أن تكون ممثلة للمجتمع بأكمله.
من هنا يصبح من حقنا جميعا أن نطالب بعقوبات شديدة لكل من يسيئون إلى المكون الأعم وهو المجتمع الذي يخرجون منه. نطالب بمنعهم من السفر، وإيداعهم السجون، عندما تبلغ مخالفاتهم حدا يسيء إلى الجميع، ويؤدي إلى أضرار نفسية واجتماعية وبدنية للجميع.
عندما يتحدث أعداؤنا بالإساءة، ويطالبون بحظر سفرنا أو منعنا من دخول بلادهم، يستندون في مطالباتهم تلك على قرارات وتصرفات قلة شاذة، وأؤكد هنا على صفة شاذة، لكنها تبرز لشذوذها، وتسمح لكل من هب ودب بالإساءة لنا، وفرض الرسوم والقيود على سفرنا وإقامتنا وتعاملاتنا مع بقية الدول والأفراد. بين سِكِّير يعربد في الشوارع، إلى مخالف لقيم معتمدة في الدولة، إلى مَن يستغل مرونة وتقبل قوانين العالم إلى شخص "جلف" يسيء لكل الناس بسبب المال الذي منحه الله إياه، نقف جميعا حائرين ونحن نشاهد الهجمة الشرسة علينا، التي يشجعها كل من يعادوننا حتى إن علموا أن هؤلاء هم الشواذ وليسوا الأساس الذي يرفض سلوكياتهم ويحاول أن يتقي شرورهم.
وليت كل من يسهم في تكوين هذه الشخصيات يتوقف عن مدها بالمال الذي يضر المجتمع كله في النهاية.