رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ثنائي الزكاة.. الضمان الاجتماعي و«الرعوية التنموية»

تعتبر مصلحة الزكاة والدخل ووزارة الشؤون الاجتماعية قطبي برنامج الضمان الاجتماعي الذي يهدف لتقديم المساعدات المالية والعينية لذوي الدخول المنخفضة وتحويل شريحة المستفيدين من شريحة متلقية للمساعدات إلى منتجة معتمدة على نفسها عبر البرامج الإنتاجية، مصلحة الدخل تقوم بتحصيل الزكاة وفق القواعد الشرعية من المكلفين وتحولها بشكل مباشر لحساب الضمان الاجتماعي في وزارة الشؤون الذي يقوم بمهامه الرعوية التنموية للعائلات والأفراد الذين لا يجدون لسبل العيش سبيلا وقهرتهم ظروفهم وإمكاناتهم المعيشية في تأمين الحياة الكريمة لهم ولذويهم.
الضمان الاجتماعي شريك مهم وحيوي وفاعل في تحقيق أهداف التنمية الشاملة في المجتمع السعودي وله دور كبير، إضافة للبرامج التنموية الأخرى التي تنهض بها الدولة، رعاها الله، في مكافحة الظواهر الاجتماعية السلبية التي تعرقل تطور المجتمع كالفقر والبطالة والتسول والتشتت الأسري وانتشار الجريمة بكل أنواعها، وهي ظواهر تتعاضد فيها الجهود الحكومية مع جهود مؤسسات المجتمع المدني وجهود القطاع من خلال برامج خدمة المجتمع للتصدي لها والحد من آثارها. ولكي يُحقق برنامج الضمان الاجتماعي غاياته السامية برعاية الأسر المحتاجة وتنميتها للتحول من الأخذ إلى العطاء يجب توفير جميع الممكنات من خلال جهود تعاونية متكاملة من كل الجهات ذات الصلة لتوفير المخصصات المالية الملائمة أولا، ولتوفير البرامج التنموية الفاعلة القادرة على تأهيل المستفيدين نفسيا ومعرفيا ومهاريا ثانيا، ولتوفير البرامج التواصلية التوعوية المؤثرة بالشرائح المستهدفة لجهة معارفهم ومواقفهم وسلوكياتهم ثالثا، ولتوفير الفرص الاستثمارية والوظيفية الملائمة للمستفيدين المؤهلين رابعا.
وإذا أخذنا المُمكن الأول المتعلق بتوفير المخصصات المالية نجد أنه متعلق بالدرجة الأولى بقدرة مصلحة الزكاة على تحصيلها من المكلفين وفق القواعد الشرعية لتقليص الفجوة الزكوية الناشئة عن عدة أسباب تتعلق بالمكلفين كبارهم وصغارهم حيث يحجم بعض كبار المكلفين عن دفعها للمصلحة ويتملص من ذلك بحيل متعددة ليكتفي بدفعها شخصيا لمصارف هو يراها رغم ضعف قدرته على إيصالها لمستحقيها كما هو حال برنامج الضمان الاجتماعي، كما يغض الطرف الكثير من صغار المكلفين عن دفعها بدقة لعدم اعتمادهم أنظمة محاسبية تمكنهم من حسابها وفق الأصول المحاسبية ما يجعلهم يكتفون بدفعها على رأسمال الشركة فقط وإن كان لا يتناسب مع حجم أنشطة الشركة.
ولهؤلاء أقول يجب أن تدركوا أن مصلحة الزكاة هي الجهة الأكثر ثقة من جهة التحصيل والإيداع والتحويل للضمان الاجتماعي الذي ينفقها على مستحقيها من المواطنين بأكثر من صيغة، ودفعها للمصلحة يجعل المكلف مطمئنا لعدم ذهابها لجهات مشبوهة وغير موثوقة قد تستخدمها لأغراض مضرة بالوطن والمجتمع، كما أن سدادها لمصلحة الزكاة سواء الزكاة المقررة على الشركات أو الزكاة الطوعية للأفراد يجعلها تصل للمحتاجين طوال العام ولا تقتصر على شهري شعبان ورمضان كما يفعل معظم المزكين والمتبرعين الذين يقعون في شرائك الكثير من النصابين من عصابات التسول المحترفة التي باتت تمارس طرقا شيطانية في استعطاف المُزكين غير القادرين على تمييز المحتاج الحقيقي من متسولي النصب.
أيضا دفعها لمصلحة الزكاة التي تحولها مباشرة لحساب الضمان الاجتماعي الذي يدرس الحالات من خلال قدرات كبيرة تتمثل في 117 مكتبا قادرا على دراسة الحالات المستفيدة كما يمتلك قدرة على الربط الإلكتروني لكشف المتلاعبين غير المستحقين، كما أنه يمتلك برامج دعم وبرامج تنموية يجعل أموال الزكاة تصل للمحتاجين بطريقة سليمة تحفظ لهم كرامتهم وتحافظ على منظومة قيمهم التي قد تنهار نتيجة الاستجداء والاستعطاف، حيث تسلم للمحتاجين بطاقات صرافات يستلمون بها مستحقاتهم كما يصرف لهم ما يغطي حاجتهم الموسمية والطارئة كما يقدم لهم برامج تنموية استثمارية متعددة ليتحولوا من الاحتياج إلى الإنتاج ومن دائرة الضمان إلى دائرة الأمان.
وإذا أخذنا الممكنات الثلاثة الأخرى فنجد أنها تتعلق ببرنامج الضمان الاجتماعي في وزارة الشؤون الاجتماعية حيث تحتاج الوزارة لجهود تعاونية مع الأجهزة الحكومية المعنية ببرامج تأهيل المستفيدين نفسيا ومعرفيا ومهاريا كالجامعات والمعاهد كما تحتاج إلى جميع الوسائل الإعلامية وتعاون المؤثرين في الإعلامين التقليدي والرقمي لإيصال رسائلها التعريفية والتوعوية لحث المستفيدين غير المستحقين لعدم التورط في أخذ مال الزكاة المقرر شرعا للمحتاجين من الفقراء والمساكين وكذلك لحث المستفيدين على الانخراط بقوة وحماس في البرامج التنموية واستثمار الفرص التأهيلية والوظيفية والاستثمارية وبذل الجهد والإصرار على النجاح للخروج من دائرة الضمان بسبب العوز والحاجة.
بمعنى آخر الإعلام والإعلاميون والمؤثرون لهم دور كبير مساند لجهود الشؤون الاجتماعية من تطوير منظومة المعرفة والقيم والمفاهيم الراسخة في عمق نفوس المستفيدين لتكون منظومة دافعة لهم للخروج من دائرة العوز والحاجة والأخذ إلى دائرة القدرة على العيش الكريم دون مساعدة بل والقدرة على مساعدة الآخرين، والتحول من مستحقين للزكاة إلى مكلفين بدفعها.
أيضا تحتاج وزارة الشؤون لجهود رجال الأعمال ومؤسساتهم التي تمثلهم كالغرف التجارية والصناعية لتوفير فرص استثمارية صغيرة ومتوسطة وفرص وظيفية للشباب المؤهل الواعد من المستفيدين من برامج الضمان الاجتماعي ويمكن أن يوفر لهم ذلك من خلال برامج خدمة المجتمع التي تنهض بها الشركات بأنواعها كافة.
عدد المشمولين برعاية الضمان الاجتماعي يصل تقريبا إلى 850 ألف مستفيد ويسجل شهريا في برنامج الضمان الاجتماعي نحو عشرة آلاف مستفيد جديد يحصلون على معونات شهرية حسب ظروف كل فرد أو عائلة بكل احترام وكرامة وعلينا أن نعمل معا لرعايتهم وتنميتهم ليكونوا سواعد بناء.
ويلعب ثنائي الزكاة/ الضمان الاجتماعي دورا كبيرا في رعايتهم هذا العدد الكبير بالتزامن مع تحقيق مراد الزكاة لجهة تزكية مال الأغنياء لينعموا بفوائد صدقاتهم في الدارين ولجهة تحقيق التكافل الاجتماعي في أبهى صوره النبيلة لينعم المجتمع بالاستقرار ويتجنب آثار الفقر والبطالة والشيخوخة والتسول وغيرها من الآفات الاجتماعية وعلينا أن ندعمهما كل من موقعه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي