رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لوحات فنية حية

مثل كل الفنانين تعشق الفنانة الإسبانية "ماريا بينييل كوبو"؛ الطبيعة، وتستمد منها فنها ولوحاتها، ولكن المناظر التي تستهويها مختلفة عن أي فنان آخر، فقد استهوتها البكتيريا، فراحت تنظر إلى مواطن الجمال في ألوانها وطريقة نموها؛ لذا تخلت عن ألوانها وفُرشاتها ولوحات القماش والورق واستبدلتها بطبق "بتري" الخاص، وعصا معدنية، وبعض الأعواد والأدوات البسيطة؛ لتشكل بها لوحات فنية من أنواع متعددة من البكتيريا الآمنة، بدأتها بطباعة قبلة على طبق الآجار لزراعة البكتيريا الموجودة على شفتيها، ووضع مفتاح منزلها في الطبق ومراقبة ما يحدث.
وبدل أن تمارس عملها في مرسم انتقلت إلى مختبر للأحياء الدقيقة؛ لترسم لنا أروع اللوحات بمساعدة الدكتور محمد بيركمان؛ أحد علماء الأحياء في شركة "نيو إنجلاند بيو لاب" في ولاية ماساتشوستس الأمريكية الذي علمها طريقة زراعة وتلوين البكتيريا.
لم تعد البكتيريا عدوة لدودة ولا حتى صديقة للبشر فقط، بل قد تزين بها يوما جدران منزلك، أو تضعها كتحف نادرة على أرفف وطاولات مكتبك!
يقول الدكتور بيركمان "لقد أمضت ماريا السنوات الخمس الأخيرة في مختبرها لتتعلم فنون زراعة البكتيريا، ولكي تتمكن من تلوينها أو صبغها لتشكل لوحاتها الفريدة من نوعها، فالأمر ليس سهلا كما تظنون، فهناك عشرات الأنواع من البكتيريا، كل منها له نمط نمو مختلف، وطريقة تغذية مختلفة، وغذاء مختلف، كما أن بعضها لا يتلون فورا، والآخر لا يتلون إلا بعد أن يكبر".
ومشى على خطاها بعض الفنانين، الذين أقامت لهم الجمعية الأمريكية لعلوم الميكروبات مسابقة عام 2015، فازت فيها ماري وبيركمان بالجائزة الأولى عن لوحتها البكتيرية التي تمثل الخلايا العصبية، رسمتها بنوعين من البكتيريا الصفراء والبرتقالية، وكان المركز الثاني من نصيب الفنانة ماريززا كريستين، التي أبدعت في تمثيل شوارع نيويورك بمكعبات غاية في الروعة.
أما الدكتورة ماريا أيوجيني أدا؛ الفائزة بالمركز الثالث، التي تعمل في "كولد سبيزينج هوادر"، فقد أبدعت برسم موسم الحصاد بالبكتيريا الخضراء والصفراء.
وشارك من إسبانيا معهد أبحاث الألبان بلوحة أزهار بنفسجية اللون، استخدمت بكتيريا البروبيوتك في رسمها، ونوع آخر من البكيريا لمنحها لونها الجذاب الذي أهلها للفوز بالمركز الخامس.
أما منال حمد من قطر، فقد شاركت بلوحة بكتيرية أطلقت عليها اسم زهرة الشمس المشرقة، ومن بكتيريا الأمعاء رسم نيكولا فاوست من جامعة أوكسفورد أزهار الحديقة السرية، فأصبح بإمكانك مشاهدة ما بداخل أمعائك دون اللجوء إلى المختبرات.
لا أدري إلى أين ستصل علاقتنا بهذه الكائنات المجهرية التي تحولت من مصدر إزعاج إلى لوحات فنية تبهرك وتسعدك بروعتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي