ضغوط المستهلكين وتقلبات السوق يلقيان بثقلهما على "أوبك"

ضغوط المستهلكين وتقلبات السوق يلقيان بثقلهما على "أوبك"

انتهزت الوكالة الدولية للطاقة فرصة تقريرها الدوري العادي الصادر في العاشر من هذا الشهر لتطلب من منظمة الأقطار المصدرة للنفط زيادة إنتاجها قبل فوات الأوان. والغريب أن الوكالة، التي تضم التجمع الرئيسي للمستهلكين، وجدت في التقلبات التي شهدتها السوق أخيرا، حيث تراجع سعر البرميل نحو 10 في المائة في غضون بضعة أيام، سببا كافيا كي تنتبه المنظمة إلى ما يجري، محذرة من أن التقلبات في الأسواق العالمية تزيد من المخاوف، وأن آخر شيء تحتاج إليه الاقتصادات العالمية في مثل هذه الظروف ارتفاع في الأسعار.
وأشارت المنظمة في تقريرها الدوري هي الأخرى إلى أن حالة من عدم الوضوح تلف السوق وتؤثر بالتالي في وضع الطلب، الأمر الذي يدفع بالدول الأعضاء إلى توخي الحذر، خاصة والذاكرة لا تزال عامرة بما شهده خريف العام الماضي عندما اضطرت المنظمة إلى التدخل مرتين والإعلان عن خفض في الإنتاج إثر مؤتمر استثنائي استضافته الدوحة والآخر عادي عقد في العاصمة النيجيرية أبوجا، الأمر الذي أسهم في دفع السوق إلى تحقيق شيء من التوازن.
"أوبك" في تقريرها توقعت أن يحقق الطلب العالمي نموا في حدود 1.5 في المائة، أو 1.3 مليون برميل، بزيادة طفيفة عن توقعاتها في الشهر الماضي، وهو ما يعود بصورة رئيسية إلى الطلب المتنامي لمحطات الطاقة اليابانية. وبسبب النمو الموسمي في الربع الثالث يتوقع أن يكون حجم الإمدادات قد بلغ 85.7 مليون برميل يوميا في الشهر الماضي.
وبالنسبة للعام المقبل، تتوقع "أوبك" زيادة الطلب إلى 87.1 مليون برميل يوميا، ودون تغيير يذكر بالنسبة للمتوسط العام، بينما سيكون نصيب الإمدادات من خارج "أوبك" نحو 79 في المائة من الإمدادات الجديدة. أما خلال هذا العام فإن نصيب المنتجين من خارج "أوبك" من الإمدادات سيزيد بنحو 900 ألف برميل فوق ما تم ضخه العام الماضي، ولو أن ذلك يعني تراجعات في حدود 85 ألف برميل يوميا عن التوقعات السابقة، وهو ما يعود بصفة خاصة إلى تراجع الإنتاج من النرويج، المكسيك، ماليزيا وتشاد.
في الشهر الماضي أنتجت "أوبك" 30.4 مليون برميل، بزيادة 241700 برميل عن الشهر الأسبق. وتعود الزيادة للمفارقة إلى التصاعد في إنتاج كل من نيجيريا والعراق، وهما تعانيان هموم أمنية متفاقمة.
وفي المقابل يتفق تقرير الوكالة الدولية للطاقة أن الزيادة في إنتاج "أوبك" الشهر الماضي تعود إلى تصاعد إنتاج العراق ونيجيريا، وتضع حجم الزيادة في 385 ألف برميل يوميا، لكنها لا تعتبر هذه الزيادة نقلة نوعية وتحولا عن أسلوب إبقاء السقف الإنتاجي منخفضا، وهو ما تنتظره السوق. وتدلل على ذلك بقولها إن السعودية، المحرك الحقيقي للسوق بلغ متوسط إنتاجها في الشهر الماضي نحو 8.6 مليون برميل يوميا، وهو ما يقل 6 في المائة عن متوسط الإنتاج في العام الماضي. وتتوقع الوكالة أن يبلغ متوسط حجم الطلب على النفط هذا العام 86 مليون برميل ترتفع إلى 88.2 مليون العام المقبل، سيكون نصيب المنتجين من خارج "أوبك" 50 مليونا هذا العام تزيد مليونا إلى 51 مليون برميل العام المقبل.
وترى "أوبك" أن الطلب على نفطها سيكون في حدود 30.3 مليون خلال الربع الثاني من هذا العام ترتفع إلى 31.14 مليون في الربع الحالي ثم إلى 31.32 مليون في الربع الأخير، على أن يكون متوسط الطلب على نفطها 30.8 مليون برميل العام المقبل، أو 239 ألف برميل أقل مما كان مقدرا لهذا العام.
وبنظرة إلى الواردات يرى تقرير "أوبك" أن سوق منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي سجلت تراجعا في وارداتها النفطية في حدود 215 ألف برميل يوميا في الشهر الماضي، كما أن الواردات الأمريكية بدورها تسجل تراجعا بلغ 300 ألف برميل يوميا، في الوقت الذي حققت فيه الصين نموا بلغ 11 في المائة إلى 3.4 مليون برميل يوميا.
ويلخص التقرير الوضع بصورة عامة أن الطلب العالمي سيبلغ هذا العام 85.7 مليون برميل يوميا ترتفع العام المقبل إلى 87.1 مليون، يكون نصيب الإمدادات من خارج المنظمة والسوائل 54.7 مليون برميل تتصاعد إلى 56.3 مليون في 2008، بينما يكون مطلوبا من "أوبك" توفير 31 مليون برميل هذا العام في المتوسط تتراجع 200 ألفا إلى 30.8 مليون العام المقبل.
وبغض النظر عن التفاصيل، يبدو وبصورة عامة أن "أوبك" مرشحة للعودة إلى لعب أدوراها المؤثرة في السوق النفطية، حيث ظل المنتجون من خارجها يؤثرون فيها بأكثر مما تفعل لسنوات طويلة. وفي القوائم التالية الصادرة في الكتاب الإحصائي السنوي لـ "أوبك" حتى نهاية العام الماضي، ما يوضح تفاصيل ويعطي مؤشرات أفضل على وضعية المنظمة في السوق.

الأكثر قراءة