اقتصاد متين .. لبيئة الاستثمار في السعودية
مهما تحدثنا عن أهمية العلاقات السعودية - الأمريكية لكلا الطرفين، فإنه يجب علينا ألا نغفل مسألة مهمة جداً في عالم المال والأعمال، وهي أن الجدوى الاقتصادية هي التي تحكم الخيارات في نهاية المطاف. وعلى الرغم من المصالح المشتركة، فإن التوازن بين الطرفين يتحدد بقدر ما سيقدمه كل طرف من قيمة مضافة إلى هذه المصالح. وهذا هو بيت القصيد والتركيبة السحرية التي تجعل الشركات العالمية تفضل دولة على أخرى وتستمر هنا وتهرب من هناك، فمهما كانت اللعبة السياسية مهمة في دخول الشركات أو خروجها، فإن المفصل الحقيقي في البقاء والاستدامة هو ما يحققه الاقتصاد لأي شركة من نمو في الأرباح، ولقد كانت المملكة العربية السعودية قادرة دائماً على أن تقدم إلى كل علاقاتها الاقتصادية ومع العالم أجمع قيمة مضافة حقيقية؛ فالمملكة تستند إلى ثقل اقتصادي عالمي مع تربعها على عرش أكبر منتجي النفط وقدرتها الدائمة على صناعة السوق النفطية، كما لا ينسى أحد ما قامت به المملكة من دور كبير في حفظ التوازن الاقتصادي العالمي إبان الأزمة المالية.
لقد تعهدت المملكة للعالم بضخ المليارات من الدولارات في الأسواق العالمية، وتوسيع استثماراتها وأوفت بما تعهدت به ولعبت الصناديق السيادية في المملكة دوراً بارزاً في الحفاظ على الطلب العالمي الفعال. لقد كانت المملكة قادرة دائماً على تقديم قيمة حقيقية لكل شركائها وهي ترفع شعار الربح لكل الأطراف المشاركين في العلاقات الاقتصادية مع المملكة. نتحدث عن هذه المبادئ الأساسية بمناسبة انعقاد "منتدى فرص الأعمال والاستثمار الرابع" في الرياض، والحديث الخاص لــ "الاقتصادية" مع أرون إم. كومار؛ مساعد وزير التجارة الأمريكي للأسواق العالمية والمدير العام لخدمات التجارة الخارجية، الذي تحدث عن تقدم كبير في مستوى التعاون الاقتصادي بين القطاع الخاص في المملكة ونظيره في الولايات المتحدة، وظهر الآن في وجود 500 شركة أمريكية تستثمر بشكل ضخم داخل المملكة.
ولعلنا ندرك الآن وفي الإطار الشامل من العلاقات الاقتصادية المتوازنة أن هذه الاستثمارات لم تأت لمجرد وجود علاقات استراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية؛ بل لأن البيئة الاستثمارية في المملكة جاذبة بما يضيف قيمة إلى هذه الاستثمارات، كما أن المملكة تجني ثمار عملها في الحفاظ على التوازن الاقتصادي العالمي في فترة الأزمة المالية، فلولا تلك الجهود الجبارة من المملكة لما كانت الشركات العالمية قادرة على البقاء إلى اليوم، وتأتي لتستثمر في المملكة. لهذا يؤكد مساعد وزير التجارة الأمريكي، أن الشركات الأمريكية أتت فقط لأن لديها خططها وقراراتها بشأن الدخول في هذا المجال أو ذاك، وكل الشركات تبحث عن الأسواق التي تتمتع بمميزات يمكن الاستثمار فيها بشكل مفيد وتتصف ببيئة أعمال ناجحة، وهذا متوافر بشكل غير مسبوق في المملكة.
الاهتمام المتزايد من الشركات الأمريكية بالدخول في السوق السعودية أتى بعد قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، فتح الاستثمار المباشر في قطاع التجزئة، وهو القرار الذي يؤكد من خلاله الملك سلمان، على تحرير الأسواق، كما تنادي به منظمة التجارة العالمية، وبما يضمن بيئة صالحة للأعمال لكل الأطراف، وعلى أساس أن تحرير الأسواق في المملكة سيضمن تنمية القطاع الخاص في المملكة ويوفر فرصا وظيفية وتنمية حقيقية في المجتمع؛ فالمملكة وهي تعمل على تحسين بيئة الاستثمار بما يضمن للشركات العالمية الربحية اللازمة للاستدامة تريد أيضا أن تحقق الازدهار والنماء في بيئتها الاقتصادية، وأن تحقق أيضا الاستدامة اللازمة؛ فالعلاقة كما هي وستكون علاقة تضمن الفوز للجميع في تحقيق أهدافهم المشروعة.