الاقتصاد الوطني والخصخصة 1
الانتقائية أو ما يطلق عليها خبراء الاستثمار Cherry Picking وهي مقولة مفادها إن أي مستثمر حين تتاح له فرصة الاختيار سيقوم بشراء الاستثمارات السهلة التي تحقق الربح السريع بأقل نسبة من المخاطر.
وفي حال قلنا إن برنامج الخصخصة السعودي هو عبارة عن صندوق من الاستثمارات المتنوعة وتركنا باب الاختيار مفتوحا لكبار التجار والمستثمرين، هل ستنجح الحكومة في خصخصة جميع المرافق المراد تخصيصها وبالذات المشاريع الأقل جاذبية والتي تتطلب وقتا وجهدا كبيرين؟ أو إن تجربة بيع جزء من شركة الاتصالات جعلت كبار المستثمرين السعوديين يتطلعون إلى أن تقوم الحكومة بصرف المليارات لتأسيس البنية التحتية لأي مشروع قبل بيعه القطاع الخاص بسعر رمزي يضمن للمستثمر أرباحا باهظة وسريعة دون عناء!
والانتقائية واضحة لمن يتابع تصريحات كبار المستثمرين والتجار الذين يطالبون بالخصخصة سواء من خلال الإعلام أو من خلال محاولاتهم التأثير عبر حضورهم في المجالس والهيئات المختلفة وعلى رأسها مجلس الشورى. فهناك من يطالب الحكومة ببيع نسب ملكيتها المتبقية في شركتي سابك والاتصالات، وأيضا يفضلون قيام الدولة ببناء سكك الحديد وتجهيزها أفضل تجهيز قبل طرحها للاكتتاب العام لكي يتسنى لهم تجميع أسهمها من عامة الناس بأرخص الأثمان. وبما أن برنامج التخصيص السعودي ليس له ملامح واضحة ولا نعرف ما هي الخطط المستقبلية لتوجيه بوصلة الخصخصة السعودية، فكيف تستطيع الجهات المسؤولة ضمان استفادة الاقتصاد الوطني من مثل هذا البرنامج، وما الخيارات المتاحة؟
أيضا ما الجهات المستفيدة بعد أن يتم بيع قطاعات تعتبر المصدر الثاني لدخل الدولة بعد البترول؟ وكيف ستعوض الدولة فقدان جزء مهم من دخلها في حال تراجعت أسعار النفط؟ كذلك كيف نستطيع تطبيق توصيات صندوق النقد الدولي الذي يحث حكومة المملكة على تنويع الدخل وفي الوقت نفسه يطالبنا صندوق النقد بالإسراع نحو تخصيص مشاريع حيوية تدر دخلا جيدا للدولة؟
.. سأترك مهمة الإجابة عن كل هذه الأسئلة للجهات المنوط بها إدارة برامج الخصخصة السعودية - وإن شاء الله - سنكمل الحديث حول الخصخصة في الأسبوع المقبل.