دول "أوبك" تكثف أعمال التنقيب بحثا عن مكامن النفط

دول "أوبك" تكثف أعمال التنقيب بحثا عن مكامن النفط

كثفت الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) نشاطها التنقيبي للبحث عن النفط وبمعدلات لم تصل إليها لنحو عقدين من الزمان. وتأتي الخطوة في وقت بلغ فيه سعر برميل النفط معدلا قياسيا مع تزايد الإحساس أن الإمدادات ليست كافية، خاصة أن المنتجين من خارج "أوبك" يبدون أقل قدرة على التصاعد بإنتاجهم.
وتشير الأرقام التي نشرتها المنظمة، التي تسيطر على ثلاثة أرباع الاحتياطيات العالمية من النفط، أن أعضاءها يقومون بتشغيل 336 حفارة حتى نهاية العام الماضي، وهو ما يمثل زيادة 11.5 في المائة على العام الأسبق، في مسعى لمقابلة الطلب المتنامي من الدول النامية عموما خاصة الصين والهند.
وتوضح الأرقام أن الدول الأعضاء في أوبك تدير أسطولا من الحفارات هو الأكبر من نوعه منذ عام 1982، عندما سجلت أسعار النفط وقتها معدلات قياسية تبلغ نحو 90 دولارا للبرميل بأسعار اليوم، مع أخذ عنصر التضخم في الحسبان. وصادف يوم صدور الأرقام من المنظمة أن تجاوز سعر البرميل 78 دولارا.
ويعتبر عدد الحفارات العاملة من أفضل المؤشرات على توجهات السوق والسياسات الاستثمارية للدول المنتجة، التي عدة لا تقدم تفاصيل حول حجم استثماراتها في صناعتها النفطية. لكن المنظمة أعلنت من قبل أن لديها برنامجا طموحا لزيادة طاقتها الإنتاجية وتمويل عملية التوسع من الدخل العالي للدول الأعضاء الذي بلغ العام الماضي نحو 650 مليار دولار، بزيادة 22 في المائة عن الدخل الذي حققته الدول الأعضاء في العام 2005.
وكانت الوكالة الدولية للطاقة، التي تمثل تجمع المستهلكين، قد أعلنت في التقرير الخاص بتوقعاتها على المدى المتوسط، أن العالم مرشح ليعيش أزمة إمدادات في غضون خمس سنوات، حيث يمكن للطلب أن يتجاوز العرض، خاصة مع دخول العديد من مناطق الإنتاج خارج "أوبك" مثل بحر الشمال مرحلة الشيخوخة.
ويرى بعض المحللين أن النشاط التنقيبي المكثف لـ "أوبك" يمن أن يرسل رسالة تطمين للأسواق أن المزيد من الإمدادات على الطريق، وهو ما يمكن أن يخفف من الضغوط على الأسعار.
وتأتي السعودية في صدارة الدول المنتجة التي كثفت من عملياتها التنقيبية، وبالتالي زادت من عدد الحفارات العاملة لديها، وبلغت العام الماضي 75 حفارة، وهو الأكبر منذ أن بدأ حساب عدد الحفارات منذ عام 1980، وبزيادة 70.5 في المائة عن العام الأسبق. وبسبب هذا النشاط فإن طاقة السعودية الإنتاجية ستشهد زيادة ملموسة في حدود نصف مليون برميل يوميا بعد تشغيل حقل الخرسانية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
ويرى أحد محللي شركة الاستشارات وود ماكينزي، أن "أوبك" تمضي قدما في مشاريع جديدة، وإنفاق الأموال لحفر آبار في حقول قائمة لوقف تدهور الطاقة الإنتاجية، وأن الطاقة الإنتاجية الجديدة ستعوض عن هذا التراجع، كما أنه يمكن أن تسد فجوة الفرق في حجم الإمدادات من خارج "أوبك" المتناقصة.
وترى الوكالة الدولية للطاقة أن على "أوبك" توفير 36.2 مليون برميل يوميا للسوق في غضون خمس سنوات من 31.3 مليون في الوقت الحالي. وسيؤدي هذا الوضع إلى تقليص الطاقة الإنتاجية الفائضة في المنظمة إلى 1.6 في المائة من الطلب العالمي، من 2 في المائة هذا العام.
من جانبها، ترى "أوبك أن الطلب على النفط سيستمر، خاصة أن السيناريو المرجعي لها يضع معدل النمو الاقتصادي في حدود 3.5 في المائة سنويا في المستقبل المنظور، ولهذا تشير توقعات المنظمة حتى عام 2030 أن سعر البرميل سيتراوح بين 50 و60 دولارا، وأن حجم الطلب على النفط الذي كان في حدود 83 مليون برميل سيصل إلى 118 مليونا في نهاية العقد الثالث من هذا القرن، ما لم تحدث متغيرات في جانبي السياسات الخاصة بالطاقة أو الجانب المتعلق بالتقنية.
وتتوقع المنظمة استمرار النمو في الطلب على النفط في دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي ليصل إلى 53 مليون برميل يوميا، بينما تشكل الدول النامية صاحبة أكبر معدل نمو، وتلك الآسيوية ستكون مسؤولة عن ثلثي الزيادة في الطلب، رغم أن استهلاك الفرد في الدول النامية سيظل أقل خمس مرات من استهلاك الفرد في الدول المتقدمة. أما قطاع النقل فسيظل المستهلك الرئيس للنفط خاصة مع نزايد أعداد السيارات وارتفاعها من 700 مليون إلى 1.2 مليار بحلول عام 2030.
من ناحية أخرى، فإن الإمدادات من خارج "أوبك" يمكن أن تصل قمتها عام 2020 وإنتاج 48 مليون برميل يوميا ثم تبدأ في الانحدار التدريجي بعد ذلك إلى 45 مليونا في 2030. وكل هذه العوامل تدفع المنظمة لتكثيف نشاطها والاستعداد للوقت الذي تلتفت إليها الأسواق لتوفير الإمدادات اللازمة.

الأكثر قراءة