جائزة الفيصل
في عام 1977، أعلن الأمير خالد الفيصل مدير عام مؤسسة الملك فيصل الخيرية أن مجلس أمناء مؤسسة الملك فيصل الخيرية قرر إنشاء جائزة عالمية باسم الملك فيصل، تمنح في مجالات عدة علمية وفكرية وإسلامية. الجائزة تهتم بمكافأة الأفراد والمؤسسات على إنجازاتهم الفريدة، هي التي تهدف إلى إثراء الفكر العلمي والإنساني وبالتالي المساهمة في تقدم البشرية. وقد عرفت الجائزة بمعاييرها التي تتخذ من التميز استحقاقا دون الالتفات لاعتبارات العرق والجنس والدين والسياسة، فاختيار الفائزين يتم بالاستناد فقط إلى مدى أهليتهم وجدارتهم المطلقة، حيث تقوم لجان اختيار متخصصة بمراجعة أعمالهم بدقة، حيث تتبع عملية الاختيار الدقيقة معايير دولية. لذا فإن هدفها الأساس هو تقدير العلماء الذين يقدمون جهودهم لخدمة البشرية. اللافت أن عددا كبيرا من الفائزين بجائزة الملك فيصل العالمية، وعلى مدى نحو أربعة عقود، نالوا جائزة نوبل بعد الفوز بجائزة الملك فيصل بفترات متباعدة، وهذا مؤشر واضح على وعي القائمين على الجائزة.
وكالعادة السنوية من هذا الوقت، فقد أقيم البارحة الأولى، وبرعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حفل منح جائزة الملك فيصل العالمية لعام 2016م، لتتويج الفائزين الذين يمثلون عددا من دول العالم ببراءات الفوز وميداليات التقدير واستحقاقات التميز. والجائزة لها فروع خمسة هي خدمة الإسلام، الدراسات الإسلامية، اللغة العربية وآدابها، العلوم، والطب. جائزة الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز إحدى أبرز الجوائز العالمية لاعتبارات عدة أهمها سمو الأهداف. وبطبيعة الحال، لا علاقة للجغرافيا ولا الجنسية أو التوجهات السياسية وربما الأهم العقدية باستحقاق الجائزة وأن تحول دون الوصول لمن يخدمون الإنسانية. وهذه نقطة مهمة في تجرد المبدأ وسموه عن تفاصيل ثانوية تحيد عن الهدف الإنساني المجرد أيضا. وهي عادة المبادئ العالمية نفسها التي تخدم الجوائز وصناعها وأهدافهم أيضا.
المتابع لقائمة الأسماء التي رصدت لهم جائزة الفيصل، يلحظ مدى مساهمة مؤسسة الملك فيصل في خدمة الإنسانية في شتى مناحي العلوم والفكر. أن تقدم جائزة بحفاوة وميداليات ومبالغ مالية جيدة نسبيا وعلى مدى هذه العقود هو إسهام بحد ذاته في دعم هؤلاء العلماء والمفكرين وإن بجزء من أعمالهم وتاريخهم. وهناك عدد كبير من العلماء في القائمة لا سيما علماء الغرب في الطب والعلوم في لائحة الفائزين كل عام، وهي أكبر بكثير من قائمة الفائزين العرب والمحليين. وهذا يعود للمعايير الدولية المتجردة لاختيار الفائزين بطبيعة الحال. لا شك أن جائزة الملك فيصل جائزة معروفة رفيعة عالميا منذ عقود، لكن السؤال ربما هو محدودية الترويج العالمي والإعلامي لهذه الجائزة على المستوى الدولي الغربي لا سيما في قسمي العلوم والطب. الجائزة منفذ رائع، لا سيما أمام الجزء المشحون ضد هذه البقعة من العالم لأسباب مختلفة، وهذا ما يجعل منها سببا رفيعا.