الانسحاب .. سيعجل برحيل بشار
قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب قواته من سورية كان مفاجئا للعالم، ولم تكن هناك أي مؤشرات سابقة تدل على أن هناك انسحابا يمكن أن يحدث، ولم يكن هناك أيضا أهداف تحققت – وفق خطاب بوتين المتلفز – تعجل بالرحيل، أو هزيمة تدفع للهروب.
في خطابه المتلفز الذي أعلن فيه سحب القوات الروسية من سورية أكد الرئيس الروسي أن الحملة حققت أهدافها التي جاءت من أجلها، والجميع يذكر أن الروس قالوا في بداية حربهم إن الهدف منها محاربة تنظيم داعش، ولم يُعلَن هدف آخر في ذلك الوقت، واليوم ها هي تنسحب من سورية وعناصر "داعش" تسرح وتمرح في كل مكان من سورية.
لم تسجل روسيا أي هدف من حربها المدمرة على سورية، إلا إن كان قتل الأطفال والنساء أهدافا يمكن أن يفاخر الروس بها، حتى "المنشط" الذي منح لقوات النظام وجعلها تسيطر على بعض البلدات في ريفي اللاذقية وحلب لا يمكن أن نعتبره نصرا تحقق، فبغياب القوات الجوية الروسية وقنابلها العنقودية المحظورة دوليا سيعود النظام إلى انكساراته السابقة، ولن يكون هناك توازن في القوى؛ لأن التقدم الذي حصل جاء بناء على سياسة الأرض المحروقة التي نفذتها الراجمات والطائرات الروسية، وجعلت قوات المعارضة تنسحب ويحل محلها جيش بشار المسنود بالميليشيات الشيعية الإرهابية.
لا نصر عسكريا ولا نصر سياسيا تحقق للروس في سورية، فما الذي دفعهم إلى الانسحاب المفاجئ..؟ بالطبع لا أحد يعلم ماذا دار ويدور في رأس الرئيس الروسي بوتين، الذي فاجأ العالم بدخوله سورية وفاجأهم أيضا برحيله منها، حتى المجرم الأسد كان متفاجئا أيضا.. والقرار كما أعلن "الكرملين" جاء "أحاديا" من موسكو، ولم يكن نتيجة مفاوضات أو تفاهمات على الرغم من أن النظام السوري حاول أن يوهم أنصاره بأن الانسحاب جاء بعد اتفاق بين بوتين والأسد.
عموما لا يهم إن كان الانسحاب الروسي هزيمة أو تكتيكا.. ولا يهم كثرة التحليلات للتراجع الذي حير العالم بما فيه أجهزة الاستخبارات.. المهم أن هذا الانسحاب جرد النظام والميليشيات التابعة له من سلاح فعال كان سببا في تأخر سقوطه، وأن هذا الانسحاب منح الثورة والثوار زخما يمكن من خلاله أن يسهم في اجتياح سريع للأراضي التي يسيطر عليه نظام الأسد في حال فشل مفاوضات جنيف التي تجري حاليا.