رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


سياسة تحفيز الموظفين في ظل ترشيد الميزانيات

أجد أنه من الصعب التمييز في اختلاف قوة التأثير في الموظفين بين أوقات ترشيد الميزانيات وبين الأوقات التي تسبقها. الأدبيات العلمية تخبرنا أن من أهم مصادر قوة التأثير في الآخرين تتمحور حول ثلاثة أبعاد: التأثير وفق ما يسمى بسياسة الجزرة. هذه القوة لها في الغالب جانب مالي سواء مباشر أو متعلق بالحصول على مميزات أخرى كبدل العمل خارج دوام أو انتدابات أو دورات أو خلافه. ولعل هذه الشخصية قد لا يكون لديها الكثير لتقدمه خلال فترة سياسة ترشيد الإنفاق ومحدودية الميزانيات التي من المتوقع أن تستمر لبضع سنوات قادمة. فلا يوجد كثير من الجزر الذي يمكن تقديمه خلال الفترة المقبلة.
التأثير وفقا لسياسة الترهيب التي يرمز لها بسياسة العصا هي النوع الثاني من مصادر قوة التأثير في الآخرين. هذه السياسة قائمة على استخدام صلاحيات التهديد والتخويف كرفع شعار الخصومات والإنذارات أو التقييم السنوي. هذه السياسة لم تنجح خلال فترة الوفرة المالية فضلا عن أن تنجح أثناء فترة محدودية الميزانيات لأن طبيعة العمل الحكومي لا تشجع على نجاح مثل هذه السياسة. فالأوراق التي لدى مدير الإدارة الحكومية محدودة خصوصا على مستوى التحكم في العلاوات السنوية فضلا عن الفصل من العمل.
جزء من هذه المشكلة أن المديرين الفاشلين ليس لديهم قدرة على التأثير في الموظفين إلا من باب استخدام الصلاحيات المتاحة لهم ورفع الأدوات الآتية بصيغة التهديد: "إذا ما سمعت الكلام ترى سيؤثر هذا في تقييمك السنوي؟" أو "ترى إذا ما سمعت الكلام سأضطر لأخذ بعض الإجراءات الإدارية ضدك؟" هذه النبرة التهديدية أو رفع الصوت لدرجة الصياح على الموظفين لا تجدي نفعا لأن الموظف يصل مع مرور الوقت إلى مرحلة التبلد من كثرة ما يردد مديره المباشر من عبارات التهديد والوعيد. لذا فإن كان ما يدفع الموظف لتحمل مثل هذه العبارات الجارحة الحصول على البدلات وخارج الدوام وغيرها من المميزات، فإن الدافع لدى الموظف توقف الآن ولم يعد لدى الموظف ما يخسره. لذا سيعاني هذا النوع من المديرين ضعف تأثيرهم في الآخرين خلال الفترة المقبلة.
المصدر الثالث من قوة التأثير في الآخرين مبني على سياسة الحب والاحتضان أو الشخصية الكاريزمية المبنية على فرض الاحترام عبر توفير البيئة الإيجابية للبذل والعطاء. هذه الشخصية استطاعت أن تجعل أهداف منشآتهم وأهدافهم الشخصية موحدة وهي إحدى سمات ما يعرف اليوم بالمنظمات المتعلمةlearning organization. هذه المنظمات المتعلمة تتطلب نوعا من القيادة التي تنطبق جزئيا على هذا النوع من الإدارة. فنجاح الإدارة هو نجاح لهم. كما أن هذه الشخصية استطاعت أن تشجع موظفيها على الاستفادة من خبرتهم وطريقة إدارتهم. فالموظف يشعر وهو يؤدي عمله أنه في دورة مجانية في كيفية التعامل مع الأحداث.
لذا فإن المديرين الناجحين خلال المرحلة المقبلة هم من يستطيعون التأثير في الموظفين بصورة مباشرة وبفرض احترامهم وشخصيتهم على موظفيهم بعيدا عن المؤثرات المادية وخصوصا أن مدير الإدارة في القطاع الحكومي ليس لديه الأدوات الكافية للتأثير في موظفيه.
الفترة المقبلة ستبين الاختلاف في أداء المنشآت الحكومية وفقا لتوافر القادة القادرين على التكيف مع التغييرات المالية واللوجستية وبين المديرين الذين ينظرون للموظفين كأدوات لتنفيذ أجندة شخصية أو أقل ما يقال عنها أجندة غير مهنية.
باختصار التأثير المبني على قوة شخصية القائد علميا وعمليا بغض النظر عن التغيرات المحيطة ببيئة العمل سواء كانت مالية أو غيرها هو الذي سينجح ويحقق إنجازات حقيقية خلال الفترة المقبلة لكون منبع التأثير في شخصية القائد وليس بالضرورة الأدوات التي لديه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي