9 طرق لترشيد الإنفاق على الجامعات ورفع كفاءتها

لعلي في هذا المقال أتناول بعض الطرق لتقليل الهدر المالي في الجامعات دون أن تتأثر جودة المخرجات التعليمية:
1. ضم الجامعات الطرفية مع بعضها كما أشرت في مقال الأسبوع الفائت بعد تغيير مسمياتها، حيث تصبح جامعات تخصصية في العلوم الصحية والهندسة والتربوية وغيرها ووفقا للمتطلبات التنموية. هذه الضم سيقلل تعددية الصرف على العمادات المساندة بين جامعات وكليات متعددة. فمثلا كل جامعة لديها عمادة تقنية المعلومات وعمادة أعضاء هيئة التدريس وعمادة شؤون الطلاب وعمادة البحث العلمي وعمادة الدراسات العليا وعمادات الجودة وعمادة التعليم الإلكتروني، إضافة إلى الإدارات الأخرى كإدارة الشؤون المالية والإدارية وما يتبعها من إدارات أخرى. هذه العمادات ستصبح عمادات موحدة وغير مكررة ما يقلل تعددية المصروفات عليها، فضلا عن الأثر الإيجابي للضم في أعداد الكليات والأقسام بعد تقويمها وخصوصا أن معظم أعدادها محدودة ومشتتة وآثارها التنموية ضعيفة. كما سيقلل ضم الجامعات التكاليف التمويلية والبرامج التعليمية والإدارية لأنها ستكون موحدة. إضافة للأثر الإيجابي للضم في الحد من تكاليف الصيانة والدعم الفني وغيرها. كما سيحقق الضم استفادة أفضل في استثمار موارد الجامعات والممتلكات الخاصة بها.
2. إيقاف صرف المكافآت التي يتلقاها عضو هيئة التدريس نظير قيامه بالأعمال الإدارية خصوصا المكافآت المتعلقة برئاسة الأقسام أو الوكالات أو العمادات لأن هذه المكافآت تشتت تركيز أعضاء هيئة التدريس. فبدلا من أن يركز عضو هيئة التدريس على البحث العلمي حسب لائحة التعليم العالي كأولوية أصبح التنافس في الأعمال الإدارية أكثر بسبب المكافآت المخصصة لها. هذه التنافسية السلبية حولت أجواء الجامعات من أجواء بحثية وتعليمية إلى أجواء إدارية وحزبية. وعلى المستوى الدولي، كثير من الجامعات الرائدة أكاديميا لا تقدم مكافآت لأعضاء هيئة التدريس نظير تكليفهم بأعمال إدارية لأن القيام بمثل هذه المهام يتم بالتناوب بين أعضاء هيئة التدريس كجزء من المسؤولية المشتركة بين أعضاء هيئة التدريس وكجزء من المسؤولية نحو خدمة الجامعة. كما أن طبيعة الأعمال الإدارية داخل الجامعات لا تتطلب مهارات قيادية عالية وإنما تتطلب فهما واطلاعا على الأنظمة واللوائح والعمل وفقها. لذا فهي مهام إدارية يمكن أن يقوم بها إداريون وليس بالضرورة أكاديميون. فترقية عضو هيئة التدريس يجب أن تبقى الترقية الأكاديمية من أستاذ مساعد (الموازية للمرتبة الثانية عشرة) إلى أستاذ مشارك (الموازية للمرتبة الثالثة عشرة)، ومن ثم أستاذ دكتور (الموازية للمرتبة الرابعة عشرة)، أما الأعمال الإدارية كرئاسة الأقسام أو الوكالات أو العمادات فيجب أن تبقى في إطار التكاليف الإدارية وكمسؤولية مؤقتة خصوصا أن المكلف للقيام بأعمال إدارية يحصل على مزايا أخرى غير مالية كتقليل الحمل التدريسي.
3. إعادة النظر في العلاوة السنوية لأعضاء هيئة التدريس. فالعلاوة يجب أن تربط بمدى مساهمة عضو هيئة التدريس في البحث العلمي. فمثلا يمكن وضع تشريع يمنع من استمرار العلاوة السنوية لعضو هيئة التدريس لمدة خمس سنوات متواصلة إلا بعد أن يثبت من تمكنه من نشر ورقة علمية في مجلة علمية محكمة. فاستمرار العلاوة السنوية لعضو هيئة التدريس كمثل العلاوة السنوية لمدرسي التعليم العام في حاجة إلى إعادة نظر وتقييم. كما أن هذا الإجراء سيحفز أعضاء هيئة التدريس على القيام بالنشر العلمي بصورة مستمرة.
4. إعادة صرف ميزانيات الجامعات لتصبح على مستوى الأقسام ومدى أسهامها في التنمية. فالتخصصات غير المفيدة للتنمية بشكل عام يجب الحد منها ومن برامجها وتخصصاتها وإغلاقها إذا لزم الأمر.
5. ربط المخصصات المالية للبرامج الجامعية بمدى اتباعها لمعايير الجودة التي وضعتها الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي لأنه من غير الملائم في هذه المرحلة أن تصرف ميزانيات هائلة سواء للكادر الأكاديمي والإداري والتقني والفني بخلاف المبالغ الأخرى التي تصرف على شكل مكافآت للطلبة، وفي نهاية الأمر يتم تسجيل عاطل بسبب ضعف مخرجات بعض الجامعات أو عدم الحاجة للتخصص في سوق العمل.
6. حث الجامعات على تطبيق التعليم الإلكتروني والمدمج لما له من أثر إيجابي في تقليل التكلفة التشغيلية من جهة واستثمار الموارد المالية والبشرية واللوجستية والفنية والإدارية وغيرها بصورة أمثل وخصوصا أن نظام وزارة التعليم يجيز أن تقدم بعض المحاضرات بنسبة معينة من بعد. كما أن لدى الجامعة السعودية الإلكترونية تجربة جميلة يمكن الاستفادة منها في بعض التخصصات النظرية.
7. إعادة النظر في مخصصات البحث العلمي داخل الجامعات. فمن المؤسف أن مخصصات البحث العلمي أول من يتأثر بسياسة ترشيد الإنفاق بينما بقية الأعمال الإدارية الأخرى لا تتأثر بالدرجة نفسها وكأن البحث العلمي مجرد نشاط إضافي للجامعات. لذا فمن المفترض أن يكون العكس، حيث تصبح مخصصات البحث العلمي أولوية في أي جامعة ولا تمس إلا عند الضرورة القصوى.
8. يجب أن تبنى مكافأة الطلبة على أساس مدى أهمية التخصصات التي يدرسونها في سوق العمل. فلم يعد كافيا أن يتم تحديد قيمة مكافأة الطلبة بناء على تخصصهم (علمي وأدبي). فلم تعد كل التخصصات العلمية لها الوزن نفسه في سوق العمل وكذلك الأدبية أو الشرعية أو الإدارية. لذا فإني أدعو إلى إعادة تقسيمها بناء على حاجة سوق العمل وانعكاس التخصص على تنمية البلاد بشكل عام ومعدل الطالب. فمن غير المنطقي أن ترصد ميزانية كبيرة للجامعات وتصرف مبالغ كبيرة للطلبة وأساتذة الجامعات وفي النهاية تسهم الجامعات في زيادة نسبة البطالة.
9. تشجيع التعاون في التدريس لمن هم من خارج الجامعة. فسوق العمل يزخر بعديد من الكفاءات الوطنية وغير الوطنية المؤهلة للتعاون مع الجامعات سواء للتدريس أو الإشراف على أبحاث طلبة الدراسات العليا. هذه الكفاءات لم تستفد منها الجامعات على الرغم من أن هذه الكفاءات قد تكون فائدتها للطلبة أكثر بسبب جمعهم المعرفة الأكاديمية والعملية. لذا فالجامعات قد لا تحتاج لإعداد كبيرة من أعضاء هيئة التدريس إذا نجحت في التوسع في بناء جسور من التعاون مع حملة الدكتوراه العاملة في القطاع العام أو الخاص. لذا فعلى الجامعات إلا تضخم هروب أعضاء هيئة التدريس للقطاع الخاص لأن الاستعانة بمن هم في ميدان العمل الحقيقي أفضل علميا وعمليا خصوصا بعد أن قلصت ساعات العمل في القطاع الخاص إلى 40 ساعة ما يعني توافر وقت إضافي للدكاترة العاملين في القطاع الخاص للمشاركة الأكاديمية والبحثية مع الجامعات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي