تحديات اقتصادية أمام الحكومة التركية.. دفع برنامج التخصيص ووقف تجاوز الإنفاق المستهدف
ساعدت خمس سنوات من الأداء الاقتصادي الباهر حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا على الفوز بانتخابات برلمانية مهمة ولكنه بحاجة ملحة لدفع برنامج التخصيص والإصلاحات الاجتماعية المتعثرة ووقف تجاوز حجم الإنفاق المستهدف حتى يستمر الاقتصاد على المسار السليم.
تعافت تركيا من أزمة مالية شديدة، ورفعت معدل النمو الاقتصادي السنوي لما يزيد على 7 في المائة في السنوات الأربع الماضية بينما تضاعف دخل الفرد وعائدات السياحة وزادت الاستثمارات الأجنبية إلى 20 مليار دولار في العام الماضي.
وذكر محللون أنه ينبغي للحكومة الجديدة لحزب العدالة والتنمية التصدي بشكل عاجل لقضايا اقتصادية ملحة. ووعد رئيس الوزراء طيب أردوغان بالفعل بالإسراع بخطى تطبيق الإصلاحات.
ويقول رودريك نجوثو الخبير المتخصص في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا
في بنك يو بي اس" في رأينا أنه ينبغي له (حزب العدالة والتنمية) تعديل ما شهدته الفترة السابقة على الانتخابات من تجاوز لحجم الإنفاق المستهدف وإنعاش إصلاحات في قطاع الرعاية الاجتماعية وعملية التخصيص المتعثرة بصفة خاصة في قطاع الطاقة".
وأجلت حكومة يمين الوسط تنفيذ إصلاحات مهمة في قطاع الرعاية الاجتماعية التي يطالب صندوق النقد الدولي بتطبيقها إلى عام 2008 بعدما أجبرها حكم للمحكمة الدستورية على تعديل البرنامج. كما أرجأت أنقرة العديد من صفقات التخصيص.
وقال نجوثو "ينبغي أن تحقق الحكومة نتائج طيبة في هذه المجالات إذا أرادت استمرار برنامج صندوق النقد الحالي وإمكانية التوصل لبرنامج جديد حين ينتهي أجل البرنامج الحالي في أيار (مايو) 2008".
وينتهي العام المقبل اتفاق تركيا مع صندوق النقد الدولي الذي ينطوي على تمويل قيمته عشرة مليارات دولار وقد ساهم في تعافيها من الأزمة التي أوشكت أن تفلس البلاد في عام 2001 ويقول محللون إن تركيا لا تحتاج إلى مبالغ نقدية من صندوق النقد ولكن إبرام اتفاق آخر سيفيد أنقرة.
وعزز حزبه العدالة والتنمية نصيبه من الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي أجريت يوم الأحد بحصوله على 47 في المائة من أصوات الناخبين أي أعلى بأكثر من 12 نقطة عن عام 2002.
وكانت هذه النتيجة انتصارا شخصيا لأردوغان صاحب الشعبية الكبيرة رغم ما يثيره من جدل.
ودعا اردوغان إلى انتخابات مبكرة بعد أن رفضت النخبة العلمانية التي تضم جنرالات الجيش اختياره حليفا له ذي جذور إسلامية لتولي منصب رئيس الجمهورية.
ويراقب المستثمرون الأجانب عن كثب كيفية تبلور الحكومة الجديدة. وأغدق المستثمرون 20.2 مليار دولار على تركيا في عام 2006 بالمقارنة مع 1.14 مليار في عام 2002 وهو العام الذي جاء فيه حزب العدالة والتنمية للسلطة.
وكان رد الفعل المبدئي للأسواق التركية إزاء فوز الحزب إيجابيا وسجلت الليرة التركية أعلى مستوياتها أمام الدولار منذ أكثر من عامين كما ارتفعت أسعار الأسهم والسندات وأغلقت بورصة إسطنبول الإثنين على ارتفاع 5.1 في المائة وسجلت مستوى إغلاق قياسيا.
ويقول تجار إن المستثمرين يعتقدون أن الولاية الثانية للحزب الصديق لقطاع الأعمال ستدعم الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلاد.
ويقول محللون إنه يتعين على الحكومة أخذ إجراءات لتعويض عجزها عن الوفاء بأهدافها المالية.
وقال هالوك بورومجكجي كبير الاقتصاديين في بنك فورتيس "يوجد حاليا انحراف
1.5 في المائة عن هدف الفائض الأساسي. الحكومة بحاجة لأخذ إجراءات لتسوية ذلك وسيكون خفض الإنفاق اختيارا حكيما".
وتهدف تركيا لتحقيق فائض أساسي يوازي 6.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي
ولكن البيانات الشهرية للميزانية في الفترة السابقة من العام تشير لفشلها في تحقيق أهدافها.
ووعدت الحكومة في الحملة الانتخابية السابقة على الانتخابات بالحفاظ على معدلات النمو المرتفعة لرفع متوسط دخل الفرد إلى عشرة آلاف دولار في خمسة أعوام وتعهدت بخفض رسوم التوظيف لإتاحة فرص عمل جديدة للسكان، الذين يتزايد عددهم في تركيا.
وقال بورومجكجي إنه يتعين على الحكومة تقديم حوافز للصناعة لدعم النمو وخلق فرص عمل جديدة تحتاج إليها البلاد بشكل ملح.
وتباطأت خطى تحسن الاقتصاد البالغ حجمه 400 مليار دولار هذا العام مع استمرار نسبة التضخم أعلى من المعدل السنوي المستهدف بينما يشكو منتجون من أسعار الفائدة المرتفعة فيما سجلت الليرة أعلى مستوياتها في ستة أعوام. وتنفيذ إصلاحات الرعاية الاجتماعية حيوي لوقف التدهور المستمر لهذا القطاع.
كما أجلت أنقرة بيع شبكات كهرباء وشركة تيكل للتبغ وحولت صفقة بيع "خلق بنك" بالكامل لاكتتاب عام على حصة حجمها 25 في المائة، سعيا لتفادي فقد أصوات
الناخبين جراء ما يصاحب صفقات التخصيص من خفض وظائف ورفع أسعار الكهرباء.
ورحب منتجون أتراك بفوز حزب العدالة والتنمية لأنه يعني استمرار الاستقرار الاقتصادي والسياسي ولكنهم طالبوا بإجراءات جديدة لدعم الصناعة. ويقول سليمان أوراكجيوغلو رئيس اتحاد مصدري الملابس الجاهزة في إسطنبول "حان الوقت لتمهيد الطريق للقطاعات الحقيقية (غير المالية).. مثل الإنتاج والصادرات والتوظيف. أهم توقعاتنا تنفيذ سياسات اقتصادية تفيد المصدرين".
وقطاع المنسوجات من أهم القطاعات في تركيا. ويوجد في تركيا واحد من أعلى أسعار الفائدة في الأسواق الناشئة مما أضعف الطلب ورفع تكلفة الاستثمار.