البابطين طل وكشف الكل
“لقد جئت إلى ألمانيا وأحسست أن بوسع المرء العيش بحرية أكبر، ذلك أن الألمان لا يتدخلون في شؤون الآخرين”، هكذا وقف أحد العرب الخارجين من جحيم الأندلس مستفهما بوسط المجتمع الألماني يبحث عما افتقده من حرية رأي وتعايش فتح بابه للجميع، لم يدرك أن النسيج الاجتماعي في بلاده كان منتظما فكريا وروحه واحدة وإن اختلفت اتجاهاته، هنا يقف المشهد وتنتهي فصول الحادثة التي تبادرت لمخيلتي حين أسمع وأشاهد الدكتور البابطين؛ الذي لا أعرف ماذا يمكن أن أقدمه وظيفيا، هل هو الرئيس المُعين أم المرشح أم الُمقال؟، المهم أنه حرك مياها راكدة وفجر بركانا تطايرت حممه صوب رأس أحمد عيد والأمانة العامة لكرة القدم، مهنيا الرجل لم يخطئ، أرسلت إليه قضايا وطُلب منه أن يعطي رأيا انضباطيا من رحم القانون الذي يستند إليه، قدم بعد الظهر وعمل كل شيء وأرسل الأوراق لمن أوكلت إليهم مهمة التخاطب والتواصل مع الأندية، غير أن عمل المحترفين من الإداريين يختلف عن نظرائهم الهواة؛ ولذا لن تجمع الطريق اثنين صدفة “هذا مورد وهذا مصدر”؛ أي أن القرارات لا بد أن تنتظر للغد حتى تصل للطرف الآخر، هذه هي الحكاية، وحين أراد البابطين أن ينهي كل شيء بسرعة كان قد فاته أن المكاتب مغلقة وعليه محاولة الاتصال مرة أخرى.
يبقى سؤال: من رشح البابطين ومن سيقيله؟
ما المعايير التي تم على ضوئها اختياره؟
كيف قرأتم سيرته ووثقتم به؟
هل الترشيح اعتباطا أم خبط عشواء؟
كل ما حدث يدين اتحاد كرة القدم ويبرئ ساحة رئيس اللجنة المرشح؛ فمن سلمه العمل أنتم، ومن أعطاه الإذن بتولي المهمة أنتم... غير أنكم حين وجدتم بأنه لا يلتفت للخلف كثيرا تباينت آراؤكم واختلف تفسيركم له؛ فمن رجل ثقة أصبح متسرعا، ومن دكتور فاهم خفايا القانون وصاحب شركة محاماة لرجل متهور!! كيف ستخرجون من المأزق الصعب؟ لا أعتقد بأن الخسائر من النوع الذي يمكن تلافيه أو لملمة جراحه ونسيانه؟
البابطين نوع من الرجال واضح بأنه صعب المراس يثق بقدرته وبخطأ الإجراءات التي يتبعها اتحاد كرة القدم؛ ولذا فقد وقف وحيدا يبحث عن حرية التعبير وحرية العمل؛ كذاك الشاب المسلم الذي فوجئ بقمع ألمانيا بعد أن تشرب تجربة الديموقراطية الحقة في الأندلس، فالرجل الذي وقف في القضايا يتحدث ويناقش ويقول ما يعتقد بأنه صحيح لن يقبل أن يتم نسف تجربته ولا تاريخه؛ لأنه خرج عن إطار أو طوق من سبقوه، وهذا لا يعني أن ما فعله كان مثاليا أو صحيحا، فهذا يناقشه أهل القانون وهم من يضعنا في الصورة، أما نحن فقد بانت لنا صورة كيف تصل للمنصب، وماذا يريدون منك، ومتى يغضبون؟ وبعدها يقولون إنه مرشح لم يتسلم العمل.. تناقض يقتل كل فكر ويبعث الحيرة في قلب الرجل اللبيب.