رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ما بعد الميزانية .. وتحديات التحول

منذ إعلان الميزانية العامة للدولة الإثنين الماضي والأقلام لم تجف والنقاشات تتواصل بين النقد والتحليل لما تضمنته الأرقام المعلنة من إيرادات ومصروفات كذلك العجز المعلن بـ326 مليار ريال، والشيء الإيجابي في إعلان عجز ميزانية هذا العام هو الخروج من حالة الاسترخاء الاقتصادي التي أعقبت الفوائض المالية للسنوات السابقة، وهذا ما شددت عليه التوجيهات الملكية للحكومة بضرورة تنفيذ حزمة من الإصلاحات الاقتصادية على المديين القصير والمتوسط، لبناء اقتصاد قوي قائم تتعدد فيه مصادر الدخل، وتنمو معه المدخرات وفرص العمل، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، مع الاستمرار في مواصلة تنفيذ المشاريع التنموية والخدمية، وتطوير الخدمات الحكومية المختلفة، ورفع كفاءة الإنفاق العام، ومراجعة منظومة الدعم الحكومي، وترشيد الإنفاق ورفع الإيرادات غير النفطية واستكمال برامج "الخصخصة" للمؤسسات الحكومية.
ولن أتطرق لمزيد من التحليلات في الأرقام المعلنة فقد أشبعت طرحا في الصحف وفي مواقع التواصل الاجتماعي.
ولعل ما يهمني هنا توحيد الرؤى حول برنامج "التحول الاقتصادي" وربطها الإنجاز فيها بمؤشرات الأداء والمحاسبة والشفافية، فنحن في سباق مع الزمن لا يحتمل أدنى تأخير في التنفيذ، وما يدعوني لهذا الأمر أن نجاح برامج "الخصخصة" المطبقة سابقا كان متفاوتا باستثناء قطاع الاتصالات بسبب غياب الرؤية، وتضارب الصلاحيات بين المجالس الإدارية السابقة وبين الوزارات المعنية، إضافة إلى ضعف الكفاءات، وغياب الشفافية، وتغليب المصالح الذاتية على المصلحة الوطنية.
ولهذا لا تزال هناك قطاعات كثيرة تمثل عبئا كبيرا على الدولة، وتعاني الترهل الإداري، وضعف النمو ولا بد من خصخصتها وفق رؤية منهجية وجدول زمني لتتخلص من القيود الحكومية وتؤدي دورها الطبيعي في زيادة الناتج الوطني، وتوسيع فرص العمل واستقطاب الكفاءات الوطنية وغيرها.
ولو استعرضنا بعض القطاعات لوجدناها اليوم في وضع بالغ التعقيد ولا تحتمل المزيد من التأجيل في خصخصتها ومن هذه القطاعات على سبيل المثال "قطاع الطيران المدني" الذي يشهد إخفاقات تراكمية بعيدا عن معطيات العمل الاقتصادي الحيوي والمؤسسي المرن التي تتميز به مؤسسات الطيران المدني الناجحة في العالم التي شكلت قطاعات محورية في التنمية الاقتصادية تعج بالحياة وصناعة الفرص الاستثمارية المتجددة.
والقطاع الثاني هو "قطاع الأندية الرياضية" الذي استغرق وقتا طويلا في تطبيق قرار "التخصيص" منذ الإعلان عن ذلك في أواخر عام 2005 ولكن الأمر ظل عالقا بين اللجان التي شكلت هنا وهناك من داخل الرئاسة العامة لرعاية الشباب ومن خارجها، ولم يحظ الملف بالاهتمام الذي يستحق وما زالت الدولة تدفع المليارات في حين تجني الدول الأخرى أرباحا باهظة من القطاعات الرياضية وهي معادلة معكوسة لا يمكن القبول باستمرارها طالما توافرت النية الصادقة لإحداث تحول حقيقي ينعكس أثره على التنمية المستدامة.
والأمر نفسه ينطبق على قطاعات كثيرة في الزراعة، والبريد، والصناعات العسكرية، وتحلية المياه، وبعض الخدمات البلدية والصحية والاجتماعية.
إن متطلبات التحول كثيرة والتحديات متنوعة وتحتاج إلى جهود الدولة والمجتمع ولكنها ليست مستحيلة متى ما توافرت الإرادة ولعل استثمار هذا التفاعل الاجتماعي غير المسبوق لميزانية 2016 هو أولى خطوات البناء للتحول الاقتصادي القادم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي