«الإخوان» في بريطانيا
أثار الإعلان عن تقرير سير جون جنكينز، لجنة التحقيقات البريطانية، عن جماعة الإخوان في مجلس العموم البريطاني الكثير من الثرثرة أخيرا. وعلى الرغم من أن التقرير لم ينته إلى اعتبار الإخوان منظمة إرهابية، إلا أنه قد يكون إذا ما أخذت تفاصيله بعين الاعتبار أشبه برفع الغطاء الحذر. التقرير لم يحظر الإخوان صراحة ولا يمكن ذلك "قانونيا"، إلا أنه طلب تكثيف مراقبة بعض أعضائها المحتمل تطرفهم ومراقبة نشاطاتها ومنع إصدار تأشيرات لأعضائها المتطرفين أيضا، والمحتملين الذين قد تراقبهم؛ من بينهم إخوان قد تكون لهم اتصالات بعمليات عنف خارجها. وبين المراقبة والحذر وإمكانية الحظر ثمة قراءات مختلفة جدا، التقرير كان دقيقا محددا ببعض الإخوان؛ وذلك من وجهة نظر قانونية، فالقانون لا يحاكم الأفكار، بل أعمال العنف، بل إن أي نقد ضد الجماعة يشوه السمعة يخول الإخوان بصفتهم جماعة التوجه إلى القضاء. الإخوان جزء من المجتمع البريطاني، أجيال منهم عاشوا ويعيشون في بريطانيا.
ملخص التقرير المعلن عنه استعرض قضايا مثيرة، منها أن مظاهر الجماعة متضاربة مع قيم بريطانيا ومصالحها وأمنها القومي، وأن ذلك قد يغير من بنية الدولة، وهذا بالطبع التنظيم في نسخته الأخيرة الحالية مع تطور السلوك العام للجماعة، وعلاقة بعض أفراد التنظيم المحتملة بالعنف، كما استعرض نشاطاتها المالية الواسعة كتنظيم غامض قائم على السرية، وتحكمها وهندستها لجهات إسلامية في بريطانيا، إلا أن أهم نقطة ربما هي "الازدواجية" التي يتبعها الإخوان كحزب سياسي، بين مناهضة القيم الديمقراطية في المجتمعات الغربية وبين خطاب السياسة الأقرب إلى الاعتدال في مشروعه، وربما لا تتطلب هذه الكثير من الدراسات لاستخلاص هذه النتيجة، فمشاهدات بسيطة للشارع البريطاني كافية، التي تبرز وللمفارقة هذا التناقض، في ظهور المتطرفين بلافتات ومظاهرات تطالب بتغيير نمط الدولة وقوانينها، وأمام مرأى الشرطة البريطانية نفسها التي لا يمكنها منعهم من حق مدني!.
إذن، هذا التقرير يبدو في شكله مراجعة لموقف بريطانيا من المتطرفين، ولا يعني تغير بريطانيا في موقفها فجأة، بل في الإعلان. فبعض الإخوان المحتمل انخراطهم في أعمال عنف قد يكونون بالفعل تحت المراقبة ضمن الآلاف الذين أعلنت عنهم بريطانيا سابقا. الإعلان الآن يمكن استخلاصه بصفته تعاونا دوليا وكجزء من مواقف عالمية تجاه التطرف والإرهاب، حيث التحركات جميعها في إطار الحملة المستمرة. ولا شك أن فكر الإخوان وأي مشروع ديني سياسي آخر لا يقل خطورة عن العنف المحتمل. والنتيجة النهائية، هذا التقرير ضد بعض الإخوان كفكر متطرف الذي يمكن أن يؤثر على بريطانيا وأمنها القومي، إلا أن مخالفة القانون البريطاني أو التصادم مع مكونات مجتمع لم تثبت أعمال عنف عليها بعد، هو أيضا ضد الأمن القومي البريطاني، وهذا محط اعتبار مهم.