رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ما العلاقة بين تقرير «مكنزي» وكتاب وزير التعليم العيسى؟

يجب على السعودية سرعة التحول لتحقيق تنمية اقتصادية لا تعتمد على النفط، وإلا فإنها ستواجه سنين صعبة مع استمرار تدني أسعار النفط. كانت هذه خلاصة تقرير مكنزي الصادر هذا الشهر والمتاح على النت بالإنجليزية وعنوانه "السعودية بعد النفط"، وقد أعد بناء على طلب الحكومة. اعتمد نمو الاقتصاد السعودي منذ عشرات السنين على صادرات فإيرادات النفط فإنفاق الحكومة الذي تمدد في مخلتف شرايين الاقتصاد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
كيف يمكن تطوير الاقتصاد وتحقيق التحول؟ ربط تقرير مكنزي هذا بإدخال إصلاحات تذكر بإصلاحات طالب بها الدكتور أحمد العيسى وزير التعليم في كتابه "إصلاح التعليم في السعودية بين غياب الرؤية السياسية وتوجس الثقافة الدينية وعجز الإدارة التربوية". وينبغي ألا يفهم بأي صورة أنني أدعي تطابقا بين رؤية مكنزي ورؤية الوزير. وهنا مزيد إيضاح. ناقش تقرير مكنزي خفض الدعم وخاصة في الوقود، وتوسيع نطاق الخصخصة. وتحفيز نمو الإنتاجية في القطاعات غير النفطية مع حزمة استثمارات موزعة على عدة قطاعات إنتاجية تبلغ قرابة 15 ترليون ريال (15 ألف مليار) خلال 15 عاما تبدأ من 2016. كيف يمكن لهذه الأعمال أن تؤتي أكلها؟ يعتمد ذلك على تحسين التعليم والمهارات ودفع السعوديين للعمل في القطاع الخاص في مجالات ومهن أكثر تعبا ومشقة، كما يعتمد على إصلاح الإدارة الحكومية وإدارة الإنفاق العام.
ما جاء في تقرير مكنزي ليس جديدا، بل ناقشه بصورة أو أخرى كثيرون بالداخل والخارج سعوديون وغير سعوديين ممن لهم اختصاص أو اهتمامات بالتنمية الاقتصادية والتطوير الإداري والبشري وخاصة في بلاد مثل السعودية. وبعضه لا يقل مستوى عن تقرير مكنزي. ربما كان صندوق النقد الدولي أشهر الناصحين. ومن أشهر نصائح الصندوق ورقة مرجعية أعدت بالإنجليزية وصدرت في أبريل 2001، وترجمة عنوانها "مجلس التعاون لدول الخليج العربية: استراتيجية للنمو القابل للاستمرار مع استقرار الاقتصاد الكلي". استعرضت ورقة الصندوق استراتيجيات لإصلاح قطاعات وقضايا عريضة وأساسية في اقتصادات دول الخليج بهدف تحقيق نمو قابل للاستدامة. وكانت أسعار النفط آنذاك متدنية ومالية الدولة في متاعب كبيرة. وقتها شاركت في مناقشات ورقة الصندوق، لكن نصائحه أهملت بعد أن بدأت أسعار النفط في تصاعد مستمر منذ عام 2003.
وهنا خلاصة الاستراتيجيات التي أوصت بها ورقة صندوق النقد الدولي.
الميزانية العامة
• رفع كفاءة وتحسين بنية وإدارة الميزانية وإصلاح رقابة الميزانية والمصروفات، ونظام التقييد (reporting system)، لتأكيد الشفافية والمساءلة على أساس الأداء.
• إدخال أهداف صريحة كمية قابلة لمراقبة التوظيف الحكومي، ضمن برنامج خدمة مدنية إصلاحي معرف (محدد) جيدا.
• إدخال إعانات مبرمجة زمنيا.
الإيرادات غير النفطية: تطوير وتحديث إدارات الضرائب والجمارك وفق عدة أسس الخصخصة:
• استراتيجية الخصخصة ينظر إليها على أنها جزء لا يتجزأ من برنامج التكييف الهيكلي structural adjustment.
• إنشاء نظام مراقبة سير عمل.
• تطوير أسواق رأسمالية ومالية.
• الخصخصة الناجحة لابد أن يرافقها إصلاح سوق العمل.
• الخصخصة الناجحة تتطلب إعادة تحديد مفاهيم حقوق الملكية.
• خصخصة المنشآت التي تعمل في سوق تنافسية يسرع بها أكثر من غيرها.
قوى العمل (أو سوق العمل)
• العمل في المدى الطويل على إزالة التقطيع segmentation بين قوى العمل المحلية والأجنبية في سوق العمل باعتباره التحدي الرئيس في سوق العمل.
• التحدي السابق يتطلب استراتيجية فعالة على المدى الطويل تتصف بأنها تعتمد على تشكيلة من الأعمال الهيكلية المؤثرة في توقعات قوى العمل ونوعيتها وحركتها، أكثر من اعتمادها على الأعمال المؤسسية (القرارات الحكومية).
تعليق عام
إن اقتراح السياسات والاستراتيجيات، واقتراح الخطوات التنفيذية لها هو مشروع يتطلب وقتا وجهودا مضنية، لأنها في النهاية تعني العمل على إصلاح/إعادة بناء الاقتصاد الوطني إعادة شاملة. وما يؤكد ضخامة المهمة كون تلك السياسات والاستراتيجيات سبق تناولها بطريقة أو أخرى عبر خطط التنمية وعبر مئات التقارير، واستغرقت أو قاتا طويلة من النقاشات والاجتماعات. هذه الثروة يجمع بينها ترك التفاصيل، وضعف مناقشتها لخطوات وآلية التنفيذ مناقشة شافية، ومن ثم فقد كانت النتائج المحققة دون الأهداف في كثير من الأحيان. انخفاض المستوى المهني في الجهاز الحكومي زاد من المشكلة.
من المهم التأكيد على أن تحقيق تنمية اقتصادية أقل اعتمادا على النفط يتطلب تضحيات شاقة من كل الفئات، بينما تعودنا على نمط مختلف، ما أنتج ضعف مهارة وإنتاجية وزيادة اعتماد على الغير. ومع الأسف ساهمت سياسات وكتابات في ترسيخ هذه النظرة الاتكالية لدى المجتمع بمختلف طبقاته.
إن تحقيق الطموحات الإصلاحية في الاقتصاد يتطلب جودة إدارة وقدرات بشرية عالية المهنية، وإدارة تنفيذ مناسبة وفعالة وعمليات تقييم واسعة، وتتطلب تطوير وتعميق ثقافة عمل وشفافية ومساءلة أكبر بين الجميع. وقد أشار تقرير مكنزي إلى أنه لابد من تفاعل الجميع من حكومة وقطاع خاص ومستثمرين وأفراد وعائلات في عملية التحول الاقتصادي.
كيف يتحقق كل ذلك؟ موضوع كبير خارج نطاق عمل من قدموا دراسات ومشورة لإصلاح الاقتصاد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي