التدريب التربوي .. هدر مالي وبشري

يعتبر التدريب التربوي ركنا رئيسا في منظومة التطوير المهني في المؤسسات التعليمية الحديثة، بما يمثله من دور في الارتقاء بمستوى الأداء في العملية التعليمية، وتنمية الطاقات والمهارات للموارد التربوية بمختلف مستوياتها، وتحويل المعارف والمهارات إلى ممارسات عملية على أرض الواقع، والانفتاح على تجارب الآخرين، والتفاعل معها بإيجابية، وهو عملية منهجية منظمة ومستمرة وليس مجرد نشاط زائد عن الحاجة أو مرتبط بمناسبة أو ميزانية أو مشروع محدد. وإذا ما استعرضنا تجارب بعض الدول التي حققت تفوقا تعليميا واضحا ومنها اليابان، وسنغافورة، ونيوزيلندا، وكوريا الجنوبية، نجد أن برامج التدريب التربوي جزء أساسي في منظومة الأداء لكل العاملين، ولذلك كان لهذه البرامج فاعلية واضحة في صناعة الكفاءات التعليمية التي أثرت الميدان التربوي بتجارب تراكمية متقدمة.
وزارة التعليم لدينا والتي بدأت الاهتمام بالتدريب التربوي في وقت متأخر وتقريبا منذ مطلع عام 2000 بعد أن اعتمدت تأسيس إدارة للتدريب والابتعاث وتبعها مجموعة من مراكز التدريب التربوي في مختلف المناطق، تقول الإحصائيات المتوافرة في بعض المواقع التربوية إنها تقترب من 100 مركز تدريبي للرجال وللنساء في أغلب المناطق وهو رقم كبير يعبر بوضوح عن الكم لا الكيف.
يغلب على هذه المراكز من خلال معرفتي بها الأداء التقليدي، والعشوائية، وضعف الأداء، وتفاوت الإنجاز من مركز إلى آخر، كما أن أغلب المدربين المعتمدين لديها هم من المعلمين الذين فضلوا العمل في المراكز على المدارس، ولم يستطيعوا تحقيق شيء يذكر لزملائهم أثناء برامج التدريب التي يقيمونها، ما ساهم أيضا في عزوف العاملين في الميدان التربوي عن الالتحاق بالبرامج المقامة في هذه المراكز من وقت لآخر.
وبحكم إن وزارة التربية والتعليم تم دمجها الآن مع الجامعات فأتمنى أن تستغل هذه الفرصة بشكل أمثل لإعادة هيكلة الأنشطة التدريبية لتكون تحت إشراف الجامعات وتحديدا كليات التربية ومراكز التدريب وخدمة المجتمع التابعة لها. الجامعات تمتلك ما يقارب 28 مركز تدريب وخدمة مجتمع للأقسام الرجالية ومثلها تقريبا للأقسام النسائية، بمعنى مركزين في كل جامعة، واستطاعت في السابق تقديم خدماتها التدريبية لمعظم الجهات الحكومية وتمتلك خبرات تراكمية جيدة.
في إدارة عمليات التدريب، من تحديد الاحتياج، ووضع الأهداف الرئيسة للتدريب، وتصميم البرامج، وتحكيم الحقائب بشكل علمي، وتقييم أثر برامج التدريب في المتدربين وغيرها، فضلا عن وجود كفاءات نوعية قادرة على التأثير الإيجابي ونقل خبرات متميزة للمتدربين.
ولو أسندت وزارة التعليم جميع عمليات التدريب للجامعات لكان ذلك توحيدا للجهود، وإيقافا للهدر المادي والبشري. ولن يبقى هناك حاجة لمراكز التدريب الضعيفة التي تتبع للوزارة حاليا وتمثل عبئا عليها وتستنزف ميزانيتها ومواردها البشرية دون مردود يذكر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي