مدينة «الأمل» .. في عيون الأطفال
حينما تزور مدينة "سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية" شمال مدينة الرياض أغمض عينيك ثم افتحهما لتجد نفسك في عالم آخر يختلف تماما عن الصحراء المحيطة بها من كل الجوانب .. وأقول عالما آخر ليس من المباني الجميلة فقط وإنما الأشجار الخضراء والبحيرات الحالمة والتخطيط السليم كما هو في أجمل المنتجعات العالمية .. وفي داخل "مدينة الأمل" كما يحلو لنزلائها تسميتها، ستقرأ الأمل واضحا في عيون الأطفال والكهول المنشغلين بممارسة تمارينهم تحت إشراف طاقم فني من مختلف الجنسيات وسترى الأمل بشكل أوضح في عيون الأم التي تقف بجانب طفلها المعوق وهو يمارس التمارين ثم يتوقف قليلا ليرتاح ويتحدث بلغات عديدة مع المشرفين والمشرفات على برنامجه التأهيلي الذين يحرصون على أن يكون المريض صديقا لهم، يحدثونه بكل ما يدخل السرور على نفسه .. والأمل في عيون الأم بأن ترى طفلها في يوم من الأيام ينطلق ليسير كما يسير أقرانه ويلعب معهم في فناء مدرسته سليما معافى .. ويعتمد هذا الصرح الذي يقوم على مساحة تبلغ مليونا ومائتي ألف متر مربع شعار "مساعدة الناس ليساعدوا أنفسهم" وفعلا نجح هذا الشعار في إعادة الأمل للمشلولين ومصابي السكتات الدماغية والجلطات القلبية التي تتزايد معدلاتها بشكل كبير وكذلك مرضى السكري الذين يفقدون أقدامهم ومصابي حوادث الطرق الذين يقدر عددهم بحوالي 34 ألف حالة إعاقة سنويا. وقد حققت المدينة إنجازات كبيرة على الصعيد الطبي فكثير من المرضى استطاعوا العودة لحياتهم الطبيعية بفضل الله ثم الرعاية الطبية والخطط العلاجية التي يقوم بها فريق التأهيل الطبي الذي يختار بعناية من دول العالم المتقدمة في هذا المجال، وإضافة إلى التأهيل الطبي هناك برامج الجراحة المتخصصة للعمود الفقري واستبدال المفاصل واستخدام أحدث الأجهزة والمعدات الطبية للأطفال الذين يجدون عناية خاصة حيث خصص لهم 40 في المائة من الطاقة السريرية في المدينة البالغة 511 سريرا .. وتبلغ الحالات التي استفادت من برامج المدينة منذ افتتاحها قبل ثلاثة عشر عاما أكثر من 740 ألف حالة. وقد حازت (مدينة الأمل) عديدا من الإعتمادات الدولية من بينها الهيئة الدولية الأمريكية لاعتماد المستشفيات، واعتماد الهيئة الدولية لمرافق التأهيل الأمر الذي يشهد بجودة الخدمات المقدمة من قبل فريق التأهيل الطبي. وعلى المستوى المحلي فازت المدينة بأفضل بيئة عمل من قبل منتدى رواد الكفاءة الذي تشرف عليه وزارة العمل. وتم إجراء عمليات جراحية دقيقة بمعدلات نجاح ممتازة ما جعل الجهات المختصة تستغني عن إرسال المرضى لتلقي برامج التأهيل في الخارج وما يصاحب ذلك من تكاليف عالية وصعوبات الغربة واللغة خاصة أن معايير الجودة مساوية للعلاج والرعاية في الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا.
وأخيرا: الخبر السار الذي أختم به هذا المقال أنه سيتم افتتاح فرع لمدينة سلطان للخدمات الإنسانية داخل مدينة الرياض ليكون أقرب للمراجعين للمركز الطبي والعيادات التخصصية وفرع في مدينة جدة بسعة 200 سرير. وفي انتظار المزيد من الفروع في مناطق المملكة للحاجة الماسة إلى مثل هذه الخدمات التي تمسح دموع المصابين بالإعاقة وهو ما كان يحرص عليه الفقيد الكبير الأمير سلطان بن عبد العزيز في حياته - رحمه الله - كما يعلم الجميع.