رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تبعات سقوط الطائرة الروسية

المعلومات الاستخبارية غير المؤكدة حول سقوط الطائرة الروسية عكست اهتمامين، إما نفورا من ربط سقوطها بعمل إرهابي وإما ميلا لربطها بعمل إرهابي وانفجار قنبلة على متن الطائرة الروسية التي راح ضحيتها 224 شخصا. أثار الحدث مخاوف أمنية وسياسية، تبعتها حملة إجلاء للسياح الأجانب من مصر، من بينهم 20 ألف بريطاني، كما وضعت بريطانيا شروطا مشددة من أجل رعاياها. ويبدو أن الرئيس الروسي هو الآخر ورغم ضبط النفس، فقد وضع في موقف محرج بعد قيام الدول الأوروبية بإجلاء رعاياها، ما جعل روسيا تتبع الإجراء نفسه.
وقد سعت مصر إلى احتواء الشكوك الدولية حول ارتباط العمل بالإرهاب، بعد إشارات واشنطن ولندن. وبطبيعة الحال فلمصر مبرراتها الداخلية فالحدث هزة سياحية كبرى لمصر، والسياحة ولا سيما شرم الشيخ عصب حيوي للاقتصاد المصري، التي يمثل الروس أكثر من 40 في المائة من السياح فيها. هذا عوضا عن الخسائر الفادحة التي منيت بها البورصة المصرية جراء الحادث. وقد كانت مصر حتى وقت قريب تعاني بشكل حاد من تراجع الاقتصاد بسبب غياب الاستقرار السياسي والأمني بعد سقوط مبارك وفترة حكم مرسي حتى بداية خلعه. وقد أنفقت مصر على حملات تسويق وعلاقات عامة تهدف لعودة الحياة إلى السياحة المصرية.
اعتبر الإعلام المصري التصريحات التي ربطت الحدث بالإرهاب مؤامرة من الغرب على مصر. إذ لا شك أن الحادث له أبعاد سياسية مربكة منها بناء الثقة بالتدابير التي كان على مصر اتخاذها. وقد أقحم الحدث في نوايا سياسية، ولا سيما أن إعلان المعلومات الاستخبارية البريطانية ترافق وزيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى بريطانيا، ما ألقى بظلاله على الزيارة وصرف اهتماماتها. هذا التزامن أربك المشهد، وشكك في أن بريطانيا ربما تمارس نوعا من الضغوط على مصر لأسباب سياسية أو أمنية، ولا سيما أن أمريكا تسير تقريبا على مسار التصريحات البريطانية نفسها.
في الحقيقة لا توجد منطقة في العالم في مأمن من أعمال إرهابية محتملة. وإن كانت مصر مسرحا للحدث، فهو على الأرجح موجه لروسيا نتيجة لتدخلها العسكري في سورية وحرب داعش. في النهاية لا شك أن ما يهمنا في مصر هو استقرارها وذلك لما له من تداعيات على المنطقة وعلى الأمنين الإقليمي والعالمي. ولا ننسى مع انشغالنا بالأسباب، أن خسارة الأرواح البشرية أمر كارثي ومؤسف على المستوى الإنساني قبل أن يكون على مستويات أخرى. وقد ذكر مسؤول أمني أمريكي أن هذه التكتيكات الإرهابية الجديدة قد تقود الاستخبارات والأمن والشرط إلى إعادة كتاب قوانين الأمن الدولي وطرق محاربتها بأفضل صورة، فهذا الحدث سيعد ثاني عمل إرهابي كبير بعد 11 سبتمبر. إذن فإن ثبت ذلك، فهو ينطوي على أبعاد خطيرة وفصل جديد من الإرهاب. ولا عجب، فعوضا عن التدريب، فإن قادة داعش بينهم ضباط كثر سابقون في الجيش العراقي والقوات المسلحة العراقية. ويبقى أغرب تحديث في هذا الشأن هو الخبر الذي نشرته صحيفة "صنداي إكسبرس" البريطانية الأحد 8 نوفمبر أن مكتب الاتصالات الحكومية البريطانية، وهي وكالة استخبارات ووكالة أمنية تراقب محادثات المتطرفين البريطانيين حول العالم، التقط خلال مراقبته للاتصالات أصواتا كانت بـ" لكنة خاصة بمنطقتي لندن وبرمنغهام"، مرجحة أن متطرفين بريطانيين متورطون في عملية إسقاط الطائرة الروسية! لكن تبقى النتيجة النهائية المؤكدة للتحليلات هي الدليل الأخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي