الحالة المرورية .. في شوارعنا
الموضوع ليس بالجديد، فقد تناوله عديد من الزملاء.. ومع أني لست مع من يكثر الشكوى من كل شيء، لكن الحالة المرورية في شوارعنا أصبحت لا تطاق، فليست الحفريات وحدها هي السبب، ففي جميع مدن العالم تحدث حفريات لكنها تبدأ وتنتهي دون أن يشعر بها السالكون للطريق.. حيث تنفذ المشاريع بشكل سريع وبطريقة مرحلية وتغطى منطقة الحفر كاملة ثم تفتح بعد إنهاء العمل ويبدأ العمل في المنطقة الثانية.. أما هنا فإن إغلاق جميع الشوارع في منطقة معينة أمر وارد بصرف النظر عن كيفية الدخول أو الخروج وبدون سابق إنذار.. وعلى الساكن أو العامل في تلك المنطقة أن (يدبر حاله) حتى لو استغرق مشواره ساعة أو ساعتين (الدنيا ما طارت) هذا بالنسبة إلى عامل الوقت.. أما عامل الخطر فحدّث ولا حرج، فقد أصبح على كل منا بعد عودته من مشواره أن يرفع يديه شاكرا لله على السلامة.. ومنذ أيام قال لي مقيم أجنبي لدي شهادة بأنكم سكان هذه المدينة (الرياض) لديكم من الصبر ما لا يتصوره أحد من البشر، قلت له كيف.. قال إن مجموعات من السائقين الذين لا يحسنون قيادة السيارة يسرحون ويمرحون بسياراتهم في شوارعكم وأنتم تقفون بعد أن يكاد أحدهم إزهاق أرواحكم، فلا يسمع منكم كلمة شتم أو اعتراض على ذلك.. وحتى نحن من نجيد قيادة السيارة بانضباط كما في بلادنا، بعد قضاء شهرين أو ثلاثة نتحول إلى ممارسة الفوضى، لكي نحمي أنفسنا من الآخرين.. وترجمت له المثل القائل (إذا لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب)، فضحك كثيرا ووافقني على أن هذه هي الحالة في شوارعنا.
والآن بعد تصوير الحالة المرورية بهذا الوضوح، ما المقترحات التي من شأنها تخفيف المعاناة، أما القضاء عليها نهائيا فلا أعتقد أن يتم قبل سنوات من الزمن حيث تنتهي الحفريات والتحويلات (كما وعدنا).
أما الخطوة الأخرى التي لا تقل أهمية عن الأولى فهي ضبط طريقة وقوف السيارات، فنحن -ولله الحمد- الدولة الوحيدة في العالم التي لا تجد فيها مواقف مخططة ومعلمة بالألوان المتعارف عليها، ولذا يقف سائق السيارة في أي مكان يريد حتى على الرصيف أو في مكان يصعب معه مرور الآخرين ويقف عرضا أو طولا أيهما يختار.. وتأتي بعد ذلك الخطوة الثالثة وهي وجود رجال المرور في الشوارع لفك الاختناقات على الطبيعة وعدم الاعتماد على المراقبة الإلكترونية عبر غرفة العمليات فقط.. نريد وجودا لرجال المرور لا لسد المنافذ والبقاء في سياراتهم حتى لو حصلت المخالفة أمامهم، إنما للتصرف بسرعة لكيلا يتوقف السير ساعات طويلة.
وأخيرا: تشديد العقوبات بنقاط متدرجة تنتهي بسحب الرخصة مؤقتا ثم نهائيا وتشغيل الكاميرات عند الإشارات أمر مهم لوقف قطع الإشارة، الذي أصبح شائعا هذه الأيام، وقبل ذلك وبعده نشر الثقافة المرورية الغائبة تماما عن المشهد رغم أهميتها، ابتداء من طلبة المدارس إلى كل من يجلس خلف مقود سيارته، في بلاد تكتظ بملايين السيارات.