توسع تدريجي لاقتصاد أوروبا رغم الميزانيات المثقلة بآثار الجائحة وأزمة الطاقة

توسع تدريجي لاقتصاد أوروبا رغم الميزانيات المثقلة بآثار الجائحة وأزمة الطاقة

بعد فترة من ركود واسع النطاق، انتعش اقتصاد الاتحاد الأوروبي في الربع الأول من 2024، ورغم البيئة الخارجية الصعبة، مهدت الأساسيات المحلية القوية الطريق لتسارع تدريجي في النشاط الاقتصادي، وفقا لمركز بحوث السياسات الاقتصادية.

لكن لا تزال أوضاع ميزانيات الدول الأعضاء مثقلة بآثار الجائحة وأزمة الطاقة، ومن المتوقع أن ترتفع نسبة الدين الحكومي الإجمالي للاتحاد بشكل طفيف في العام المقبل، ما يشير إلى الحاجة إلى ضبط الأوضاع المالية.

كان 2023 عاما مليئا بالتحديات، فرغم أن أسعار الغاز بدأت في الانخفاض في النصف الثاني من 2022، إلا أن تأثيرها التدريجي والمستمر أدى إلى ارتفاع التضخم الأساسي وتوقف نشاط الاستثمار الخاص تدريجيا. وتوسع الاستهلاك بشكل معتدل فقط، حيث ادخرت الأسر حصة أكبر من دخلها المتاح لخفض مستوى ديونها، أو إعادة بناء احتياطياتها المالية. كما تعثر الطلب الخارجي، مع تراجع تجارة السلع العالمية.

وكان الانخفاض السريع في أسعار الطاقة بالتجزئة في 2023 هو المحرك الرئيس لانخفاض التضخم، لكن الضغوط التضخمية الأساسية بدأت تتراجع أيضا في النصف الثاني من 2023، وسط نمو ضعيف. لكن الظروف اللازمة للتوسع التدريجي أصبحت مواتية إلى حد كبير مع انتعاش نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 0.3 % في الربع الأول. وبالنظر إلى المستقبل، تعد أساسيات الاقتصاد الكلي مواتية للنمو.

وبدأت أسواق العمل هذا العام بأساس قوي نتيجة الظروف المواتية في الطلب والعرض. ووسط علامات الضعف، من المتوقع أن يستمر التوظيف في التوسع، بينما يتوقع أن يدعم نمو الأجور. يأتي ذلك إلى جانب الانخفاض المستمر في التضخم، انتعاش الأجور الحقيقية التي من المتوقع أن تستعيد بحلول 2025 المستويات التي كانت عليها في 2021. وتشير التوقعات إلى استمرار تكاليف التمويل المرتفعة في إعاقة استثمارات الشركات، خاصة البناء السكني.

وفقا لتوقعات ربيع 2024 الصادرة عن المفوضية الأوروبية، استمرار نمو الأجور والتوظيف سيدعمان نمو الدخل المتاح في 2024.

وفي 2025، من المتوقع أن يتسارع الدخل الحقيقي المتاح أكثر، في حين يؤدي انخفاض أسعار الفائدة إلى تقليص حوافز الادخار. ومن المتوقع أن يؤدي ذلك إلى نمو استهلاكي أكثر استدامة بنسبة تبلغ 1.7 %.

عامة، تشير توقعات الربيع إلى نمو بطيء لكنه ثابت مع انخفاض التضخم أكثر. من المتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في 2024 إلى 1.0 % ويتسارع في 2025 إلى 1.6 % في الاتحاد الأوروبي، و0.8 % في منطقة اليورو ويتسارع إلى 1.4 % في 2025.

والأهم من ذلك أن جميع الدول الأعضاء تقريبا من المتوقع أن تعاود النمو في 2024. ويستمر انخفاض تضخم المؤشر الموحد لأسعار المستهلك خلال فترة التوقعات المقبلة، وذلك أساس إلى انخفاض أسعار السلع الغذائية والصناعية غير المتعلقة بالطاقة.

وبعد انخفاض كبير في 2022، ارتفع العجز الحكومي في الاتحاد الأوروبي في 2023 بشكل طفيف من 3.4 % إلى 3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي، لكن من المتوقع أن يستأنف الانخفاض في 2024 إلى 3.0 % و2025 إلى 2.9 %، مدفوعا بتخلص تدريجي من تدابير دعم متعلقة بالطاقة، وانخفاض دعم مقدم للاستثمار الخاص، فضلا عن تحسن تدريجي في النشاط الاقتصادي. ويتوقع أن تستقر نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي هذا العام عند 82.9 % قبل أن ترتفع نحو 0.4 نقطة مئوية في 2025.

الأكثر قراءة