مصافي النفط واستدامة الطلب
المصافي النفطية هي منشآت صناعية معقدة تتم فيها عمليات تكرير النفط لتحويله من شكله الخام إلى منتجات نفطية مختلفة، حيث يعد تكرير النفط من العمليات الضرورية التي يمكن معالجة النفط الخام بها، واستخلاص المركبات العديدة المرغوبة منه، وتحويلها إلى منتجات صالحة للاستهلاك. فالمقصود بالتكرير هو فصل الزيت الخام إلى مكوناته وجزيئاته الأصلية عن طريق التقطير بالتجزئة، وإعادة ترتيبها لتكون مجموعات تختلف عن الموجودة في الزيت الخام، أي تصنيعها إلى منتجات نهائية صالحة للاستخدام.
من هذه المنتجات الاستهلاكية على سبيل المثال لا الحصر، وقود السيارات والديزل ووقود الطائرات والقار وغيرها الكثير جدا من المنتجات الأخرى، التي تدخل في صناعة الأدوية ومنتجات التجميل والطلاء والصمغ والملابس، ولذلك فإن النفط ليس مصدرا للطاقة فحسب، إنما مصدر لجل المنتجات الأساسية والثانوية التي نراها من حولنا وتدخل في جل المنتجات بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
تحتل السعودية مكانة عالمية في صناعة البترول ولها ثقل كبير في هذا القطاع، حيث تمتلك 19% من الاحتياطي العالمي، وكذلك تمتلك 12% من الإنتاج العالمي، وأكثر من 20% من مبيعات البترول في السوق العالمية. تجاوزت الطاقة التكريرية فيها أكثر من 5 ملايين برميل يوميا، داخليا وخارجيا.
وتقدر احتياطيات النفط الثابتة في السعودية بنحو 267 مليار برميل، وتتميز هذه الاحتياطيات الضخمة فيها بأنها من بين الأقل تكلفة إنتاجية على مستوى العالم. من البرامج النوعية في اعتقادي وذات الأهداف الإستراتيجية في قطاع الطاقة السعودي برنامج استدامة الطلب على البترول الذي تم إطلاقه في 2020 بمشاركة عدة جهات حكومية، والشركات ذات العلاقة، ومراكز البحوث.
الجدير بالذكر أن هذا البرنامج يهدف إلى استدامة وتنمية الطلب على المواد الهيدروكربونية كمصدر تنافسي للطاقة، من خلال رفع كفاءتها الاقتصادية والبيئية، مع ضمان أن يتم التحول في مزيج الطاقة بطريقة فعالة ومستدامة للسعودية.
يهدف البرنامج إلى توليد الطلب في الأسواق الناشئة من خلال الاستثمار في البنية التحتية لها وتسريع النمو في الأسواق المستهدفة، كما يهدف البرنامج إلى تعزيز الابتكار وتسريع التقدم التقني لتوفير وصنع استخدامات جديدة للهيدروكربونات. الركيزة الثالثة لبرنامج استدامة الطلب على النفط هي تعزيز الاستدامة، وتهدف إلى تأمين مزيج من الطاقة يتّسم بالكفاءة الاقتصادية والبيئية، بما في ذلك الهيدروكربونات، وتعزيز القيمة المضافة التي يمكن تحقيقها من المواد الهيدروكربونية، والعمل مع الشركات على توسيع أعمالها في مختلف المجالات من خلال تطوير مواد مبتكرة من المواد الهيدروكربونية، وتعزيز استخداماتها الجديدة والمستدامة، ما يساعد على ترسيخ مكانة السعودية في هذا القطاع.
قدرة السعودية على تكرير النفط تجاوزت 5 ملايين برميل يوميا داخلها وخارجها، وفي رأيي إن تعزيز وزيادة الاستثمار في المصافي الخارجية في مختلف دول العالم هو الأهم والأجدى فيما يخص استدامة الطلب على النفط السعودي، إضافة إلى تعظيم قيمة برميل النفط من خلال المنتجات التي يتم الحصول عليها من عمليات التكرير. وأخيرا السعودية تخطو خطوات فاعلة في هذا الاتجاه، وقد نرى في المستقبل القريب مزيدا من الاستحواذ الكلي أو الجزئي على بعض مصافي النفط العالمية شرقا وغربا.
،