هل سنشهد صيفا ساخنا؟
ما زالت أسواق النفط تتأرجح في مستويات منخفضة نسبيا مقارنة بالمعطيات الجيوسياسية كما الأساسيات التي تفرضها التطورات الاقتصادية في العالم.
فمع التهديدات التي ما زالت تواجهها منطقة الشرق الأوسط واستعار الحرب الأوكرانية الروسية لا تزال أسعار النفط صامدة في نطاق الـ80 و85 دولارا للبرميل، رغم أن المناطق التي تتدفق منها أكبر كميات النفط في العالم ترزح تحت خطر اضطرابات الإنتاج والإمدادات في حال اتسع نطاق الصراع في الشرق الأوسط وازداد استهداف منشآت الطاقة في الشرق الأوربي حيث تستعر الحرب ويتم استهداف منشآت الطاقة بشراسة.
وبالتعمق في سلوك أسواق النفط في الفترة الأخيرة يرى أنه رغم مستوى التهديدات التي تحيط بمكامن وممرات إنتاج النفط في العالم، ورغم ابتعاد الحرب في غزة عن نقطة الوصول إلى وقف نهائي للحرب، ورغم الاستهداف الأوكراني الممنهج والمستمر في توجيه أكبر ضرر للمصافي ومعامل التكرير الروسية، إلا أن تأثير هذه التهديدات في السوق النفطية ليس بجسامة الأحداث نفسها، وليس بمستوى علاوة الأخطار نفسه، التي تحتسبه الأسواق عادة في مثل هذه التهديدات، ما يعطي إشارة إلى أن الأسواق أصبحت تميل بوضوح إلى اتجاه الأساسيات التي يبنى عليها العرض والطلب، ومقدار النمو في الاقتصادات الكبرى المستهلكة للنفط كما مستويات الإنتاج المتدفقة إلى الأسواق.
هذه الأساسيات الآن لا تحفز على صعود الأسعار، ففي ظل الإشارات التي يرسلها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في التأني في خفض مستويات الفائدة، وفي ظل الإشارات التي يرسلها منتجون خارج مجموعة أوبك بلس بأن بإمكانهم الإسهام في زيادة الإنتاج، فالأساسيات تبرر مستوى النطاق الحالي رغم أن علاوة الأخطار الجيوسياسية لا تزال قائمة، لكن من الواضح أن الأسواق تتجاهلها وتميل كل الميل إلى الأساسيات.
بيد أن المتغير الأكبر المقبل هو أن مستوى الطلب على المشتقات النفطية يقفز صيفا حيث موسم الرحلات الطويلة في الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستهلك للنفط في العالم، كما أن رحلات السفر ستزيد من استخدام وقود الطائرات المتوقع أن يصل إلى مستوى نمو 2 % في نصف الكرة الشمالي.
وإذا كانت مقدمات الصيف من حيث الطلب بادية للعنان فإن اجتماع أوبك بلس الذي سيعقد مطلع الشهر المقبل سيحدد مدى سخونة الصيف، وما إذا كان تقييد الإنتاج واستمرار التخفيضات الطوعية التي قررتها دول مجموعة أوبك بلس ستستمر، ما يعطي إشارة للأسواق أن تقييد الإنتاج سيمدَد بانتظار إشارات أقوى من الأسواق توحي بنقص في المعروض يستلزم وقف التخفيضات أو حتى جزء منها.