منطقة اليورو عند نقطة تحول .. تحتاج إلى خروج المستهلكين وإنفاقهم

منطقة اليورو عند نقطة تحول .. تحتاج إلى خروج المستهلكين وإنفاقهم
نادل يحمل أطباقا من الطعام خلال مهرجان في مدينة ميونيخ الألمانية. رويترز

ينتظر اقتصاد منطقة اليورو إشارة واضحة على ثقة المستهلكين حتى يتجسد أخيرا انتعاشه الذي طال انتظاره.
مع وصول معدلات التوظيف إلى مستويات غير مسبوقة، وتسجيل الأجور ارتفاعا حادا، وبقاء التضخم عند مستوى ليس ببعيد عن 2%، أصبحت الظروف متاحة أمام الناس للخروج والإنفاق. 
يمثل الانتعاش الاقتصادي في 2024 أفضل فرصة لمنطقة اليورو، حتى الآن، لوضع حد لأعوام من الاضطراب، بدءا من الجائحة إلى أزمة تكلفة المعيشة التي أعقبتها. ومع استمرار تباطؤ التصنيع، يعتمد صناع السياسات على إنفاق الأسر لدفع النمو.
تشير الأدلة، حتى الآن، إلى أن ذلك لم يحدث فعلا خلال الربع الأول. أظهرت بيانات الأسبوع الماضي أن المنطقة خرجت من ركود وأن جميع الاقتصادات الأربعة الكبرى فيها حققت نموا أكثر من المتوقع، إلا أن مشهد الاستهلاك كان متباينا، إذ لا تزال ألمانيا وإيطاليا تعانيان ضعف الطلب المحلي.
لكن الأسر الفرنسية أنفقت أكثر بالفعل، وهناك بعض التلميحات الأحدث التي تشير إلى أن الانتعاش الذي يقوده المستهلك قد يكون قيد التحقيق.
في قراءة تم تعديلها صعودا اليوم الإثنين، وصل نشاط قطاع الخدمات في منطقة اليورو في أبريل، إلى أعلى مستوى له منذ 11 شهرا، بعد تحسن كبير في نتائج فرنسا. لاحظت وكالة ستاندرد آند بورز جلوبال، أن ارتفاع الطلبيات يشير إلى أن الزخم يمكن أن يستمر.
قال أنطونيو إسباسا، كبير الاقتصاديين في أوروبا في سانتاندير سي آي بي: "نحن عند نقطة تحول"، مشيرا إلى نمو الأجور وتراجع التضخم واحتمال تخفيض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة، باعتبارها محركات للطلب في النصف الثاني وما بعده.
أضاف: "شهدت إسبانيا استحداث فرص عمل أقوى من الدول الأخرى، والدخل الحقيقي المتاح ينمو بشكل أسرع". 
ويتوقع اقتصاديون استطلعت "بلومبرغ" آراءهم نمو الاستهلاك الخاص في إسبانيا بمعدل ضعف وتيرة منطقة اليورو، مماثلا تقريبا للولايات المتحدة، حيث يساعد الاقتصاد على التوسع بوتيرة أسرع بكثير.
إذا أمكن تكرار مثل هذه التأثيرات في مختلف أنحاء المنطقة، فهذا من شأنه أن يرقى إلى مستوى الانتعاش الذي انتظره مسؤولو البنك المركزي الأوروبي وتوقعوه منذ فترة طويلة. 
يتوقع إسباسا، من سانتاندير، زيادة 0.7% فقط هذا العام، بينما يصل متوسط تقديرات الاقتصاديين إلى 1%، وكلاهما أقل من 1.2% يتوقعها موظفو البنك المركزي.
طالما كانت محاولة معرفة معنويات المستهلكين المتقلبين في المنطقة شاغلا رئيسا للبنك المركزي الأوروبي. أشارت كريستين لاجارد، رئيسة البنك، أخيرا إلى أن سلوك الأسر من أكبر الفروقات بين الاقتصادين الأوروبي والأمريكي.
في ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، ستحدث قوة الاستهلاك الفارق الأوضح. أخذت الأسر هناك حذرها أكثر من غيرها، بعدما زعزعتها تداعيات الأزمة الأوكرانية، والتردد السياسي في الحكومة الألمانية المنقسمة.
لكن حتى هناك، انبلج النور. يوم الجمعة، رفع الاقتصاديون في دويتشه بانك توقعاتهم لعام 2024 إلى نمو بنسبة 0.3%، بدلا من انكماش نسبته 0.2%، قائلين إن الاستهلاك الخاص سينتعش بقوة أكبر مما توقعوه في الأصل. 
من جهة أخرى، ارتفع مقياس توقعات المستهلكين التي جمعها اتحاد التجزئة الألماني إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر 2021، وفقا لبيان صدر اليوم. والعامل الذي سيشعل الإنفاق ويدعمه هو ثقة الناس بأن الظروف الاقتصادية أصبحت أقل تقلبا.
بعد أعوام من الفائدة السلبية على الودائع، فإن احتمال كسب المال مرة أخرى من مدخرات بسيطة يؤثر أيضا على طلب المستهلكين. ومع استعداد البنك المركزي الأوروبي لتخفيض تكاليف الاقتراض، فإن بعض حوافز الادخار ستختفي وهذا يمكن أن يعزز الإنفاق ـ ألمح صانعو السياسة إلى تخفيض سعر الفائدة ربع نقطة في يونيو.

الأكثر قراءة