نمو الاقتصاد الوطني والفرص الاستثمارية
اقتصاد السعودية يشهد في هذه المرحلة مجموعة من التحديات التي جعلت مسألة النمو خلال السنوات المقبلة قد يشهد شيئا من الصعوبات وذلك نظرا للظروف الجيوسياسية والتحديات الخاصة بتذبذب أسعار النفط ما جعلها تخفض من إنتاجها خلال الفترة الحالية لتعزيز الاستقرار في الأسعار، ورغم التنوع في مصادر الدخل الذي بدا بارزا خلال المرحلة الحالية ويمكن أن يكون هو مصدر النمو الفعلي للاقتصاد نظرا لأن منحنى النمو في الأنشطة غير النفطية بدا أعلى من الأنشطة الاقتصادية التي لها علاقة بالنفط وذلك بجهود كبيرة حكومية في الالتزام بمشاريع رؤية المملكة 2030 لتحقيق مستهدفات هذه الرؤية وهذ ما جعل مصادر أخرى لها دور في تعزيز نتائج النمو للاقتصاد المحلي.
عدل صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي للسعودية في 2025 من 5.5 % إلى 6 % في مؤشر متفائل للاقتصاد الوطني وهو نتيجة للتحسن الظروف الاقتصادية علما أن صندوق النقد الدولي خفض توقعاته للنمو الاقتصادي لهذا العام 2024 ولعل ذلك نتيجة للأزمات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة التي تؤثر بوضوح على النشاط الاقتصاد ورغم ذلك تحافظ السعودية على حظوظ تحقيق نمو جيد مقارنة بدول مجموعة العشرين.
من التحديات خلال الفترة الحالية مسألة بقاء نسب الفائدة مرتفعة عالميا ما يؤدي إلى شيء من الانكماش نتيجة لارتفاع تكلفة التمويل وبالتالي المخاطر المتعلقة بالاستثمار وأحجام بعض الشركات عن طلب التمويل وانخفاض طلبات التمويل الاستهلاكي لارتفاع تكلفته.
التوقعات الإيجابية لنمو حجم الاقتصاد الكبير في السعودية سيعزز خطط الشركات للبحث عن الفرص للاستثمار فيها فحجم النمو المتوقع يزيد عما هو متوقع لاقتصاد الصين على سبيل المثال التي كان حجم النمو لديها برقمين سنويا وهي تعد المحرك الأكبر للنمو العالمي في الفترة الماضية وما زالت يتوقع أن يتجاوز النمو 4 % بقليل خلال السنة الحالية والمقبلة، والدولة التي يتوقع تجاوزها 6 % الهند ليبلغ النمو نحو 6.5 %.
مؤشر النمو في 2025 قد يكون في الأساس مدعوما بالمشاريع التنموية التي ستكون عادة جاهزة في العام المقبل وستبدأ تحقيق إيرادات وتسهم في النمو الاقتصادي، خصوصا قطاعات مثل الخدمات اللوجستية ومن ذلك خدمات النقل الجوي والموانئ والنقل العام داخل المدن والترفيه والسياحة إضافة إلى المشاريع الخاصة بالحرمين الشريفين ويمكن أن نلاحظ أن هناك حضورا كبيرا من كثير من المسلمين الذين يجدون يسرا وسهولة في ترتيب رحلاتهم وإقامتهم لأداء شعائر العمرة والزيارة للحرمين الشريفين.
الاستثمارات عامة تبحث عن الفرص والفرص عادة هو تجاه النمو الاقتصادي ولذلك نجد أن الهند ستكون واحدة من أهم الدول التي ستتدفق عليها الاستثمارات خلال الفترة الحالية وستكون السعودية من الدول التي تليها في ذلك في مجموعة العشرين، كما سيكون من الملاحظ أن هناك ارتباط وعلاقة بين النمو الاقتصادي السعودي والهند باعتبار أن الأولى ستعزز صادراتها النفطية وغير النفطية على أساس أن الهند تستورد جزءا من احتياجها من السعودية كما أن العلاقة التجارية مع دول آسيا ومنها الهند والصين علاقة وثيقة وهذه الدول هي الأكثر استيرادا للنفط ومشتقاته منها.
الخلاصة: رغم التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي نظرا للأزمة الجيوسياسية وبقاء أسعار الفائدة مرتفعة إلا أن المؤشرات الإيجابية للنمو الاقتصادي في 2025 للسعودية ستعزز فرص أن تكون هي أحد أهم الوجهات الاستثمارية عالميا خلال الفترة المقبلة.