رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مؤشرات الاقتصاد ودوافع الابتكار

بإمكان الاقتصاديين القيام بدور مهم في تطوير الابتكارات من أجل تلبية الاحتياجات الاجتماعية والبيئية والاحتياجات البشرية الأخرى نعلم أن الابتكار محرك أساس للنمو الاقتصادي، إلا أن الابتكار الفني والاجتماعي قد دفع أيضا إلى تحسينات في مجالات الصحة ومعالجة عدم المساواة والعلاقات الاجتماعية. والابتكارات المعاصرة في مجالات الأحياء والذكاء الاصطناعي تنطوي على إمكانات هائلة لتعزيز الرخاء وتحسين الصحة والتعليم (بما في ذلك الموجهة لأكثر الفئات المحرومة في العالم) ومواجهة التحديات العالمية مثل الجوائح وتغير المناخ.   
وفي الوقت ذاته، يشعر كثيرون بالقلق من أن هذه الابتكارات قد تعرض البيئة لمزيد من الخطر، وتزيد من عدم المساواة، وتؤدي إلى الاستقطاب السياسي. وبوصفنا اقتصاديين نستطيع أن نسهم في تصميم المؤسسات لتحقيق اتساق أفضل بين الحوافز الخاصة لوتيرة الابتكار واتجاهه والاحتياجات البشرية والبيئية. ونستطيع كذلك أن نسهم مباشرة في عملية الابتكار من خلال المساعدة على تطوير الابتكارات الاجتماعية واختبارها بدقة.
سجل أكثر من خمسة آلاف ابتكار كبراءات اختراع ذات صلة بمكافحة حشرة حفَّار ساق الذرة الأوروبي (وهي آفة تأكل الحبوب)، غير أن خمسة منها فقط تكافح حشرة حفار ساق الذرة، وهي آفة مماثلة تؤثر أساسا على الإنتاج في إفريقيا جنوب الصحراء. ويمكن للتحليل الاقتصادي المساعدة على تحديد الحالات المماثلة، حيث تتباعد الاحتياجات الاجتماعية عن الحوافز التجارية للاستثمار في الابتكار تباعدا كبيرا في ظل المؤسسات القائمة.
والابتكارات الأخرى هي سلع عامة وستتسم بنقص المعروض منها في السوق. فعلى سبيل المثال، التغير المناخي يحدث خللا في أنماط الطقس في حين أن التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن من وضع تنبؤات جوية أكثر دقة. والمزارعون يتفاعلون مع هذه التنبؤات. ويمكن لتحسن التنبؤات بالرياح الموسمية أن يدر منافع تتجاوز قيمتها ثلاثة مليارات دولار للمزارعين على مدار خمس سنوات في الهند وحدها، وربما تقدر بمائة ضعف تكلفتها.
والابتكارات في تقديم الخدمات الحكومية، مثل التقنيات الجديدة للإرشاد الزراعي الرقمي، تواجه مشكلة المشتري المحتكر بما أن الحكومة هي أكثر مشتر مقبول. وقد يحجم المبتكرون كذلك عن الاستثمار في الابتكارات ذات الحواجز المحدودة أمام الدخول في السوق مثل أصناف المحاصيل المقاومة لتغير المناخ التي يستطيع المزارعون إعادة زراعتها في المواسم المقبلة دون إعادة شراء البذور.
بوصفنا اقتصاديين نستطيع أن نسهم في تصميم المؤسسات لتحقيق اتساق أفضل بين الحوافز الخاصة لوتيرة الابتكار واتجاهه والاحتياجات البشرية والبيئية.  
بإمكان النظرية الاقتصادية والتحليل التجريبي كذلك أن يسهما في تصميم أنظمة تمويل البحوث. فكيف ينبغي أن يخصص التمويل للبحوث أو يقسم بين البحوث الأساسية والبحوث التي تتسم بأنها ذات طابع تطبيقي أكثر؟
وبإمكان علم الاقتصاد كذلك أن يقوم بدور المرشد في تصميم الحوافز على الابتكار التي لا تشترط على الحكومات أن تختار الفائزين مسبقا. وهناك عدد كبير من الدراسات حول كيفية تصميم براءات الاختراع على النحو الأمثل لتحقيق التوازن بين الحوافز على الابتكار وتشوهات التسعير الاحتكاري. ويجدر أيضا استكشاف مناهج بديلة للمكافأة على الابتكارات، مثل الجوائز أو التزامات السوق المسبقة بالشراء، التي يلتزم بموجبها الممولون بشراء ابتكار مستقبلي إذا استوفى المعايير الفنية والتسعيرية المحددة سلفا وحظي بطلب سوقي. فبعد التزام سوق مسبق قيمته 1,5 مليار دولار لتطوير لقاح المكورات الرئوية، قامت ثلاث شركات بتطوير لقاحات أثبتت فعاليتها ضد السلالات التي عادة ما توجد في الاقتصادات النامية. وقد وصلت هذه اللقاحات الآن إلى مئات الملايين من الأطفال وأنقذت حياة 700 ألف شخص تقريبا.
إضافة إلى دور الاقتصاديين في إلقاء الضوء على صياغة السياسات وتصميم المؤسسات لاستيعاب الابتكار، فبإمكانهم أيضا أن يسهموا مباشرة في عملية الابتكار. ومثلما يطور أحيانا علماء الكيمياء الحيوية وعلماء الكمبيوتر ابتكارات عملية في مجالاتهم، فإن تطوير الاقتصاديين للابتكارات الاجتماعية في مجالنا آخذ في الازدياد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي