‎بين الرياض ولندن نافذة مبادرة السعودية الخضراء

في أواخر سبتمبر الماضي قادتني رحلة عمل إلى لندن لملاحقة بعض الأعمال التي انتهيت منها بعد اسبوعين مضنية من الاجتماعات من وإلى لندن لم تتخللها يوم راحة حتى يوم موعد إقلاع الطائرة من مطار هيثرو باتجاه الرياض، ركبت الطائرة واستلقيت على المقعد وأنا أشاهد من نافذة الطائرة البساط الأخضر الذي يلف خصر منطقة هيثرو ويزداد اتساعا كلما ابتعدت الطائرة عن لندن المدينة إلى المساحات الخضراء الممتدة حول ريفها، كان هذا آخر منظر وقعت عليه عيناي قبل أن أغرق في نوم عميق لم يوقظني منه إلا صوت المضيفة تطلب مني ربط الحزام وتعديل مقعد الطائرة تأهبا للهبوط ونحن على مشارف الرياض، التفت إلى النافذة وبدا المشهد غير المشهد الذي تركته وآخر ما أغمضت عيني عليه وقت الإقلاع حيث بالكاد ترى اللون الأخضر بدا خجولا شاحبا ونادرا ولا داعي للقول أن الفارق شاسع وكبير بينهما، لم يدر في خلدي وقتها إلا مشروع السعودية الخضراء ولم يشغل بالي حينها إلا الرؤية خلفها ودوافعها وأهميتها. 
مثل يوم 27 مارس أحد الأيام المهمة في تقويمنا السعودي الذي تم فيه إطلاق الضوء الأخضر لحقبة خضراء وسعودية خضراء تستهدف فيه بيئة مستدامة ومناخ صحي وحياة أعلى جودة تقود لانبعاثات أقل ودرجات حرارة منخفضة. 

هذه المبادرة التي تم إطلاقها 2021 من نفس اليوم وتزامنت مع إعلان مبادرة الشرق الأوسط الأخضر استهدفت زيادة الغطاء النباتي ومكافحة تدهور الأراضي وتقليل الانبعاثات الكربونية والقضاء على الثلوث والمحافظة على الحياة البيئة البحرية والوصول إلى الحياد الصفري الذي التزمت السعودية بتحقيقه عام 2060.
لقد جسدت هذه المبادرة رؤية السعودية لضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة حيث تعد الأكثر طموحا في المنطقة والعالم باستهدافها زراعة 10 مليارات شجرة لتغطي 40 مليون هكتار من الأراضي ستعمل على تحسين درجة نقاء الهواء وزحف الرمال ومكافحة التصحر وتقليل درجات الحرارة والتي ستفضي معها إلى تحسين جودة الحياة لقاطني السعودية زائريها في بلد يسعى أن يكون منطقة جذب سياحي واقتصادي قوي. 

تسمية يوم 27 مارس يوم مبادرة السعودية الخضراء سيعيد التذكير بأهمية الرؤية والمستهدفات ويعمل على تعزيز مواصلة العمل لتحقيق أهداف الرؤية والتي يأتي من اولوياتها الاقتصاد الأخضر الذي يستهدف خفض الانبعاثات الكربونية بمعدل 278 طن سنويا بحلول العام 2030 كما يهدف إلى حماية 30% من المناطق البحرية والبرية في جميع مناطق السعودية. 
لقد تم اطلاق أكثر من 80 مبادرة تحت مظلة مبادرة السعودية الخضراء مثلت استثمارات تجاوزت فيمة 700 مليار ريال سعودي حيث شكلت هذه المبادرة مظلة تعمل على توحيد وتنسيق الجهود المشتركة وربط الجهات البيئية والاقتصادية والجهات الحكومية المعنية بتطوير وتعزيز الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري للكربون.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي