رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


المرأة الإفريقية والدعم القوي للخروج من دائرة الفقر

ما القاسم المشترك بين الفقر، وتغير المناخ، والصراعات؟ الجواب هو كونها من بين أكبر التحديات التي تواجه إفريقيا، وتؤثر جميعها في النساء اللواتي يعانين الفقر أو يعشن على هامش المجتمع. وقد أثبتت الأبحاث والخبرات أن هؤلاء النساء لديهن إمكانات هائلة لتحسين رفاهية أسرهن ومجتمعاتهن.
ويتعين على البلدان الإفريقية التي تسعى إلى الدفع قدما بالتنمية المستدامة، والتصدي للتحدي الثلاثي الأبعاد المتمثل في الفقر، وتغير المناخ، والصراعات، أن تساعد النساء اللواتي تعانين الفقر على تحقيق إمكاناتهن. وعن طريق الاستثمار في المبادرات الناجعة التي تعزز تحكم المرأة في دخلها، وملكيتها الأصول المنتجة، واتخاذها القرارات داخل الأسر المعيشية، وكذلك توسيع نطاقها، يستطيع صانعو السياسات تعزيز رأس المال البشري، وتحسين المساواة بين الجنسين، وتوسيع نطاق الفرص الاقتصادية الشاملة.
إن أحد الأساليب التي نجحت في عديد من البلدان هو تزويد الأشخاص ممن يعيشون في فقر مدقع بأصول منتجة (مثل الأبقار أو الماعز أو الإمدادات التي تتطلبها الأنشطة التجارية الصغيرة النطاق مثل آلة الخياطة)، والدعم اللازم لتلبية احتياجاتهم الأساسية، والتدريب المكثف لمدة عامين تقريبا. وطورت المنظمة غير الحكومية BRAC (براك)، ومقرها بنغلاديش (التي أعمل مديرا إقليميا لفرعها الدولي لإفريقيا) هذه المجموعة من التدخلات، التي غالبا ما يشار إليها باسم نهج التقدم التدريجي، من أجل تزويد الأشخاص بـ"الدعم القوي" المتعدد الأوجه الذي يحتاجون إليه للخروج من دائرة الفقر، وبناء القدرة على الصمود على المدى الطويل.
وقد حققت النساء، على وجه الخصوص، استفادة كبيرة من نهج التقدم التدريجي. فبادئ ذي بدء، هناك أدلة دامغة على أنه قادر على زيادة إنتاجية المرأة. إذ في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا، أسهمت مبادرات التقدم التدريجي في زيادة توظيف النساء في المشاريع غير الزراعية، ومن ثم في تعزيز العمالة.
وإدراكا لأهمية نهج تقديم دعم قوي، يدرس عديد من الحكومات الإفريقية، بما في ذلك كينيا ورواندا وجنوب إفريقيا، برامج على طراز التقدم التدريجي وكيفية دمجه في النظم القائمة. فعلى سبيل المثال، أطلقت حكومة رواندا استراتيجية للتقدم التدريجي على المستوى الوطني في عام 2022، لتمكين الأشخاص في أكثر من 900 ألف أسرة فقيرة من تطوير سبل عيش مستدامة وطويلة الأجل، في إطار استراتيجية ذات نطاق أوسع غايتها القضاء على الفقر المدقع بحلول 2030.
ومن بين المبادرات الأخرى الناجعة التي أطلقتها منظمة "براك"، التي أثبتت فعاليتها عندما تكون واسعة النطاق، هي نموذج التمكين وسبل العيش للمراهقين ELA، وهو برنامج يمكن الشابات والفتيات المراهقات من العمل مع مرشدين "أقران إلى حد ما"، يقدمون دورات تدريبية عن المهارات الحياتية بما في ذلك الصحة الإنجابية والجنسية، إضافة إلى محو الأمية في الشؤون المالية وريادة الأعمال.
وبناء على هذه الأساليب التي ثبتت فعاليتها، وضعت منظمة "براك"، بالشراكة مع مؤسسة ماستركارد، برنامج تسريع التأثير في النساء الشابات. ويهدف هذا البرنامج الذي يمتد لخمس سنوات إلى تزويد الفتيات المراهقات والشابات بتدريب يناسب أعمارهن في مجال مهارات ريادة الأعمال، والتوظيف، والمهارات الحياتية، فضلا عما يحتجنه من أدوات لبدء مشاريعهن الخاصة وتوسيع نطاقها.
إن الدليل واضح، وهو أن الاستثمار في النساء والفتيات المهمشات يمكن أن يؤدي إلى تغيير تحويلي. وباعتماد الأساليب التي ثبتت فعاليتها، تستطيع البلدان الإفريقية تحسين مستقبلها الاقتصادي والمساعدة على بناء عالم أفضل وأكثر إنصافا. ولديها بالفعل ما يتطلبه ذلك من موارد وأدلة ومعرفة تقنية. وكل ما تحتاج إليه الآن هو الإرادة السياسية لاتخاذ التدابير اللازمة.

خاص بـ "الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2024.

www.project-syndicate.org       

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي