الاستثمار في المرأة لتسريع النمو الاقتصادي
المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة ليس مجرد شعارات، كما أن اليوم العالمي للمرأة ليس مجرد مناسبة للاحتفال بالنجاح وتسليط الضوء على التحديات. إنها فرصة لإعادة التأكيد على أن الاستثمار في النساء والفتيات هو الشيء الصحيح والذكي الذي يجب القيام به، ما يسمح للبلدان بجني المنافع الكبيرة لما يسمى "عائد المساواة في قضايا النوع الاجتماعي".
كما أنه يشير إلى المنافع الاقتصادية التي يمكن جنيها من تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في مختلف جوانب المجتمع، بما في ذلك التعليم والمشاركة في القوى العاملة وريادة الأعمال والقيادة. وللوصول إلى هناك، يجب أن نبدأ من البداية.
كل دقيقتين تموت امرأة من الحمل أو الولادة. وتزداد تلك المأساة إيلاما عندما ندرك أنه كان من الممكن تجنب عديد من هذه الوفيات. علاوة على ذلك، نحن نعلم أنه عندما تنجو الأم، ينجو و يزدهر طفلها. فالأطفال، الذين لا تزال أمهاتهم على قيد الحياة ويشاركن بنشاط، يزداد احتمال أن يعيشوا حتى عيد ميلادهم الأول، وتزداد فرصة أن يتمتعوا برعاية صحية وتغذية أفضل، وأن يذهبوا إلى المدرسة. هذا ينطبق بشكل خاص على الفتيات الصغيرات.
وفي السعودية حيث تتوافر رعاية عالية الجودة لمعظم الناس، تتعلق القضايا الرئيسة بسهولة حصول النساء على الرعاية الإنجابية ورعاية الأمومة، ولا سيما في المناطق النائية. التعليم عامل وقائي لصحة النساء والفتيات. ومع ذلك، لم يحقق سوى 29 % من البلدان المساواة بين الجنسين في التعليم في المرحلة الثانوية. وفي الوقت نفسه، لا يدخل سوى عدد قليل جدا من النساء أسواق العمل في المنطقة بمعدل مشاركة صادم يبلغ 18.8 %.
كما تجدر الإشارة إلى أن التقاليد والأعراف قوية بشأن أدوار النساء كأم ومقدمة للرعاية، وهو ما لا يترك مجالا كبيرا لكثيرات للانخراط في العمل الرسمي. إن الاستثمار في المرأة ليس مسألة عدالة اجتماعية فحسب، بل هو أيضا ضرورة استراتيجية لتسريع وتيرة التقدم والنمو الاقتصادي على كوكب صالح للعيش فيه.
ولكي نتمكن من الاستفادة من العائد الناشئ عن المساواة بين الجنسين، يجب أن نعمل عبر مختلف القطاعات والقضايا: أولا التعليم: لا يؤدي تعليم الفتيات والنساء إلى زيادة مهاراتهن ومعرفتهن وفرصهن الحياتية فحسب، بل له أيضا تأثيرات مضاعفة عبر الأجيال.
ثانيا توفير فرص العمل: من خلال الاستثمار في ريادة الأعمال النسائية ومشاركتها في القوى العاملة، يمكن للاقتصادات إطلاق العنان لإمكاناتها الكاملة ودفع عجلة الابتكار والإنتاجية والقدرة التنافسية.
ثالثا: الإصلاح القانوني والسياسي: من الضروري وجود قوانين وسياسات تحمي حقوق المرأة وتعزز المساواة بين الجنسين، مثل مكافحة العنف القائم على نوع الجنس أو التمييز في أسواق العمل، أو التي تضمن المساواة في الوصول إلى العدالة والتمثيل القانوني للمرأة.
رابعا القيادة النسائية: يعد تطوير برامج القيادة النسائية لبناء قدراتها، وتنفيذ حصص الجنسين أو غيرها من تدابير العمل الإيجابي أمرا مهما لتشجيع مشاركة المرأة في السياسة وأدوار صنع القرار في القطاع الخاص.
خامسا: السلام والاستقرار: تعد مشاركة المرأة في عمليات بناء السلام وحل النزاعات وصنع القرار أمرا ضروريا لبناء مجتمعات أكثر مرونة واستقرارا وسلاما.
وفي كثير من الأحيان، تعطى المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة أولوية أدنى من القضايا الاقتصادية والاجتماعية الأخرى. لكن هذا قصر نظر. لقد تجاوز الوقت الاعتراف بأن الاستثمار في النساء والفتيات هو جوهر التنمية.